هو في المدينة بعد رجوعه من الحديبية، فكتبت قريش في رده، كتابا بعثت به رجلا من بني عامر يقال له خنيس ومعه مولى يهديه الطريق، فقدما على رسول الله بالكتاب فإذا فيه " قد عرفت ما شارطناك عليه من رد من قدم عليك من أبنائنا فابعث إلينا أبا بصير ".
فقال النبي صلى الله عليه وآله: " يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، و لا يصح الغدر منا فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق راشدا ".
قال: " يا رسول الله إنهم يفتنوني عن ديني ".
قال صلى الله عليه وآله: " يا أبا بصير انطلق فأن الله سيجعل لك ولمن حولك من المستضعفين فرجا ومخرجا " فودع الرجل رسول الله وانطلق معهما، حتى إذا كانوا بذي الحليفة جلس إلى جدار ومعه صاحباه. فقال لأحدهما: " أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر؟ " قال: " نعم " قال أبو بصير: " أرنيه " فناوله إياه فاستله أبو بصير، ثم علاه فإذا هو يتشحط بدمه. ثم هم بالثاني فهرب منه حتى أتى رسول الله، فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله والحصى يطير من تحت قدميه من شدة عدوه، وأبو بصير في أثره.
قال صلى الله عليه وآله: " قد رأى هذا ذعرا " فلما انتهى إلى النبي قال له صلى الله عليه وآله: " ويحك؟
مالك؟ " قال " إن صاحبك قتل صاحبي وأفلت منه ولم أكد، وإني لمقتول فأغثني يا محمد " فأمنه رسول الله، وإذا بأبي بصير يدخل متوشحا سيفه يقول: