وليس في هذه الروايات كلها كون أبي بكر على الموسم ورجوعه بعد رده وإنما روي ما في الكشاف (1) عن أبي هريرة وحده، وانحرافه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وانقطاعه إلى معاوية معلوم مذكور في السير والتواريخ.
ورواية أنس المتقدمة رواها ابن الأثير في كتاب جامع الأصول.
فأما ما يدعى من نزول بعض الآيات في أبي بكر، تخرصا فلم ترد به ولم يدعه البكرية، فضلا عن غيرها، وإنما هو مجرد تخمين ونوع استخراج يشهد العقل ببطلانه والنقل.
وقد قال البخاري في صحيحه في باب تفسير سورة الأحقاف: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن مالك، قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا فقال:
خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله عز وجل فيه: * (والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني) * (2)، فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله عز وجل أنزل عذري (3). انتهى.
والاستثناء دليل على عموم النفي في الثناء، والثناء هو حجة في الباقي.
وأما آية بيعة الشجرة فقد قال في جامع الأصول: جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: " ليدخلن الجنة من بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الأحمر ". انتهى.
وفيه دلالة على أن في من بايع تحت الشجرة ليس بمؤمن، وإنما رضي