ظلامته، فانتزع يده من يدي ومضى يهمهم ساعة، ثم وقف فلحقته فقال: يا بن عباس ما أظنهم منعوه إلا أنه استصغره قومه.
فقلت في نفسي: هذه شر من الأولى، فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمره أن يأخذ براءة من صاحبك، فأعرض عني وأسرع، فرجعت عنه (1). انتهى.
وقال أيضا ابن أبي الحديد في هذا الفصل من هذا الجزء: وروى أبو بكر الأنباري في أماليه: إن عليا عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس، فلما قام عرض واحد بذكره، ونسبه إلى التيه، فقال عمر: حق لمثله أن يتيه، والله لولا سيفه لما قام عمود الاسلام، وهو بعد أقضى الأمة، وذو سابقتها، وذو شرفها. فقال له ذلك القائل: فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه؟! قال: كرهناه على حداثة السن، وحبه بني عبد المطلب (2). انتهى.
وقال أيضا في الجزء الثاني: قال ابن عباس: كنت عند عمر، فتنفس تنفسا ظننت أن أضلاعه قد انفجرت، فقلت: ما أخرج هذا النفس منك يا أمير المؤمنين إلا هم شديد؟
قال: والله يا ابن عباس اني فكرت فلم أدر في من أجعل هذا الامر، قال:
لعلك ترى صاحبك لها أهلا؟
قلت: وما يمنعه من ذلك مع جهاده، وسابقته، وقرابته، وعلمه.
قال: صدقت، ولكنه امرئ فيه دعابة.
قلت: فأين أنت عن طلحة، وساق الخبر إلى أن قال: وقال: أجرؤهم إن وليها ليحملنهم على كتاب ربهم وسنة نبيه لصاحبك، أما انهم إن ولوه أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم.