صلى الله عليه وآله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها فقالت:
* (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) * (1)، فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، فبلغ النذارة صادعا بالرسالة، مائلا على مدرجة المشركين، ضاربا لثبجهم، آخذا بكظمهم، يهشم الأصنام، وينكت الهام، حتى هزم الجمع، وولوا الدبر، وتغرى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين.
* (وكنتم على شفا حفرة من النار) * (2)، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الاقدام، تشربون الطربق، وتقتاتون الورق، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وآله، سيدا في أولياء الله، وأنتم في بلهنية وادعون آمنون، حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ظهرت حسكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم، فوجدكم لدعائه مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين، فاستنهظكم فوجدكم خفافا، وأحمشكم فألقاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتموها غير شربكم هذا