أو متابعة حائدة " (1).
قال: واعلم أن قوله: " وكأني بجماعتك يدعونني " إلى آخره: إما أن تكون فراسة نبوية صادقة، وهذا عظيم. وإما أن يكون اخباره عن غيب مفصل، وهو أعظم وأعجب. وعلى كلا الامرين فهو في غاية العجب.
وقد رأيت له ذكر هذا المعنى في كتاب غير هذا وهو: " أما بعد فما أعجب ما يأتيني منك، وما أعلمني بمنزلتك التي أنت إليها صائر، ونحوها سائر، وليس ابطائي عنك إلا لوقت أنا به مصدق وأنت به مكذب، وكأني أراك وأنت تضج من الحرب، واخوتك يدعونني ي خوفا من السيف إلى كتاب هم به كافرون وله جاحدون ".
ووقفت له على كتاب آخر إلى معاوية يذكر فيه هذا المعنى (2). انتهى.
ثم ذكر الكتاب بطوله.
قال ابن الحديد في الشرح: وذكر المدائني في كتاب الخوارج، قال: لما خرج علي إلى أهل النهر، أقبل رجل من أصحابه - ممن كان على مقدمته - يركض حتى انتهى إلى علي فقال: البشري، فقال: " ما بشرك؟ "، قال:
إن القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك، فأبشر فقد منحك الله أكتافهم.
فقال له: " أنت رأيتهم قد عبروا؟ "، قال: نعم، فأحلفه ثلاث مرات، في كلها يقول: نعم.
فقال علي: " والله ما عبروه، ولن يعبروه، إن مصارعهم لدون النطفة (3)، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لن يبلغوا الا ثلاث ولا قصر حتى يقاتلهم الله، وقد خاب من افترى ".