العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا أبو بكر ابن عباس، عن عاصم، عن زر بن حبيش قال:
جلس رجلان يتغديان مع أحدهما خمسة أرغفة، ومع الاخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغذاء بين أيديهما مر بهما رجل فسلم، فقالا: اجلس للغذاء، فجلس واكل معهما، واستوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وقال: خذا هذا عوضا عما أكلت منكما ونلته من طعامكما، فتنازعا:
قال صاحب الخمسة أرغفة: لي خمسة دراهم، ولك ثلاثة.
وقال صاحب الأرغفة الثلاثة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين. وارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقصا عليه قصتهما، فقال لصاحب الثلاثة: " قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة ".
فقال: لا والله، لا رضيت منه إلا بمر الحق.
فقال علي صلوات الله عليه: " ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد، وله سبعة ".
فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين عليه السلام هو يعرض علي ثلاثة فلم أرض، وأشرت علي بأخذها فلم أرض، وتقول الان: انه لا يجب في مر الحق إلا درهم واحد؟!
فقال له علي: " عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحا، فقلت: لا أرضى إلا بمر الحق، ولا يجب لك في مر الحق إلا واحد ".
فقال له الرجل: فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله؟
فقال عليه (ع): " أليس الثمانية الأرغفة أربعة وعشرين ثلثا، أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس، ولا يعلم الأكثر منكم ولا الأقل؟ فتحملون في أكله على السواء ".