ومع ذلك فقد طوى أديمه من الأدب على أغزر ديمه، ومتى انقهقت لهات قاله بالشعر، أرخص من عقود اللئالي كل غالي السعر، إلى ظرف شيم وشمائل، تطيب بأنفاسها الصبا والشمائل، وإلمام بنوادر المجون، يحلى به حديثه والحديث شجون.
ولم يزل ينتقل في البلاد ويتقلب حتى قدم على الوالد قدوم أخي العرب على آل المهلب، وذلك في سنة أربع وسبعين، فأحله الوالد لديه، محلا عقد فيه نواصي الآمال بين يديه، وأمطره سحايب جوده وكرمه، ورد شباب أمله بعد هرمه، فأقام بحضرته بين خير وخير، وتقدم ما شان شأنه تأخير، حتى خوى من أفق الحياة طالعه، وأدرجت بأفول عمره مطالعه، فتوفي يوم الاثنين لاحدى عشرة بقيت من صفر سنة ست وسبعين وألف عن أربع وستين سنة تقريبا - ره -.
ومن مصنفاته شرح نهج البلاغة، وعقود الدرر في حل أبيات المطول والمختصر وهداية الأبرار في أصول الدين، ومختصر الأغاني، والاسعاف وغير ذلك.
الشيخ محمد (1) بن الحسن بن علي بن محمد الحر الشامي العاملي.
علم علم لا تباريه الاعلام، وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام، أرجت أنفاس فوائده أرجاء الأقطار، وأحيت كل أرض نزلت بها فكأنها لبقاع الأرض أمطار، تصانيفه في جبهات الأيام غرر، وكلماته في عقود السطور درر، وهو الان قاطن بأرض العجم، ينشد لسان حاله: