المقابر، في جميع من الاجلاء الأكابر، فما استقر بهم الجلوس حتى قال لمن معه:
إني سمعت شيئا فهل منكم من سمعه؟ فأنكروا سؤاله، واستغربوا مقاله، وسألوه عما سمعه فأوهم، وعمي في جوابه وأبهم، ثم رجع إلى داره فأغلق بابه ولم يلبث أن اهاب به داعي الردي فأجابه.
وكانت وفاته لاثنتي عشرة خلون من شوال المبارك سنة إحدى وثلاثين وألف بإصبهان، ونقل قبل دفنه إلى طوس فدفن بها في داره قريبا من الحضرة الرضوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام والتحية.
ومن مصنفاته التفسير المسمى بالعروة الوثقى، والتفسير المسمى بعين الحياة، والحبل المتين، ومشرق الشمسين، وشرح الأربعين، والجامع العباسي فارسي ومفتاح الفلاح، والزبدة في الأصول، والرسالة الهلالية، والاثنى عشريات الخمس، وخلاصة الحساب، والمخلاة، والكشكول، وتشريح الأفلاك، والرسالة الاصطرلابية، وحواشي الكشاف، وحاشية على البيضاوي، وحاشية على خلاصة الرجال، ودراية الحديث، والفوائد الصمدية في علم العربية، والتهذيب في النحو وحاشية الفقيه وغير ذلك من الرسائل المختصرة والفوائد المحررة.
واما أدبه فالروض المتارج أنفاسه، المتضوع بنثره ونظمه ورده وآسه، المستعذب قطافه وجناه، والمستظرف لفظه ومعناه، وها أنا مثبت من غرره ما هو مصداق " خلق الانسان علمه البيان " ومورد من درره ما يزدري بأطواق الذهب وقلائد العقيان، فمن نثره هذه الرسالة الغريبة لفظا ومعنى، البديعة ربعا ومغنى وهي: المعاني تسافر من مدينة القلب الانساني، إلى قرية الإقليم اللساني، فتلبس هناك ملابس الحروف، وتتوجه تلقاء مدين الاعلام من الطريق المعروف، وسيرها على نوعين إما كسليمان عليه السلام فتسير على التموجات الهوائية بأفواه المتكلمين و لهوات المترنمين إلى أمصار صماخ السامعين، وإما كالخضر عليه السلام في ظلمات المداد، لابسة للسواد، فتسير في مراحل أنامل الكاتبين إلى مداد عين الناظرين، وإذا وصلت بالسير الأول إلى سباء بلقيس السامعة، وانتهت بالسير الثاني إلى عين حياة الباصرة، عطفت