ونشره مؤرجا الارجاء بطيبه ونشره.
ولما تلت الألسن سور أوصافه، واجتلت الاسماع صور اتسامه بالفضل واتصافه استدعاه أعظم وزراء مولانا السلطان إلى حضرته، وأحله من كنفه في بهجة العيش ونضرته، ثم رغب الوالد في انحيازه إلى جنابه، فاتصل به المحبوب بعد اجتنابه، فأقبل عليه إقبال الوامق الودود، وأظله بسرادق جاهه الممدود، فانتظم في سلك ندمائه، وطلع عطاردا في نجم سمائه، حتى قصد الحج فحج، وقضى مناسكه العج والثج، وأقام بمكة سنتين ثم عاد، فاستقبله ثانيا بالاسعاف والاسعاد.
وكنت قد رأيته حال عوده ببندر المخا، ثم رأيته بحضرة الوالد وبينهما من المودة ما يربي على الإخاء، فأمرنا بالاشتغال عليه، والاكتساب مما لديه، فقرأت عليه الفقه والنحو والبيان والحساب، وتخرجت عليه في النظم والنثر وفنون الآداب وما زال يشنف آذاني بفرائده، ويملا أرداني بفوائده، حتى حسدنا عليه الدهر الحسود، وجرى على سجيته في تبديل الأيام البيض بالليالي السود، فقضى الله علينا بفراقه، لأمور أوجبت نكس الامل بعد إفراقه، وهو اليوم يتحلى بفضل تشد إليه الرحال، ويتحلى بأدب يروى به الامحال، وينيف برتبة يقصر عنها كل متطاول وترجع أيدي الناس دون منالها * وأين الثريا من يد المتناول الشيخ حسين بن شهاب الدين (1) بن حسين بن محمد بن حسين بن جاندار الشامي الكركي العاملي.
طودرسي في مقر العلم ورسخ، ونسخ خطة الجهل بما خط ونسخ، علا به من حديث الفضل إسناده، وأقوى به من الأدب إقواؤه وسناده، رأيته فرأيت منه فردا في الفضائل وحيدا، وكاملا لا يجد الكمال عنه محيدا، تحل له الحبي وتعقد عليه