بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٦ - الصفحة ١١٩
ونشره مؤرجا الارجاء بطيبه ونشره.
ولما تلت الألسن سور أوصافه، واجتلت الاسماع صور اتسامه بالفضل واتصافه استدعاه أعظم وزراء مولانا السلطان إلى حضرته، وأحله من كنفه في بهجة العيش ونضرته، ثم رغب الوالد في انحيازه إلى جنابه، فاتصل به المحبوب بعد اجتنابه، فأقبل عليه إقبال الوامق الودود، وأظله بسرادق جاهه الممدود، فانتظم في سلك ندمائه، وطلع عطاردا في نجم سمائه، حتى قصد الحج فحج، وقضى مناسكه العج والثج، وأقام بمكة سنتين ثم عاد، فاستقبله ثانيا بالاسعاف والاسعاد.
وكنت قد رأيته حال عوده ببندر المخا، ثم رأيته بحضرة الوالد وبينهما من المودة ما يربي على الإخاء، فأمرنا بالاشتغال عليه، والاكتساب مما لديه، فقرأت عليه الفقه والنحو والبيان والحساب، وتخرجت عليه في النظم والنثر وفنون الآداب وما زال يشنف آذاني بفرائده، ويملا أرداني بفوائده، حتى حسدنا عليه الدهر الحسود، وجرى على سجيته في تبديل الأيام البيض بالليالي السود، فقضى الله علينا بفراقه، لأمور أوجبت نكس الامل بعد إفراقه، وهو اليوم يتحلى بفضل تشد إليه الرحال، ويتحلى بأدب يروى به الامحال، وينيف برتبة يقصر عنها كل متطاول وترجع أيدي الناس دون منالها * وأين الثريا من يد المتناول الشيخ حسين بن شهاب الدين (1) بن حسين بن محمد بن حسين بن جاندار الشامي الكركي العاملي.
طودرسي في مقر العلم ورسخ، ونسخ خطة الجهل بما خط ونسخ، علا به من حديث الفضل إسناده، وأقوى به من الأدب إقواؤه وسناده، رأيته فرأيت منه فردا في الفضائل وحيدا، وكاملا لا يجد الكمال عنه محيدا، تحل له الحبي وتعقد عليه

(١) سلافة العصر ص ٣٤٧ أمل الآمل ص ١٢ - وفيه الشيخ حسين بن شهاب الدين ابن حسين بن محمد بن حيدر العاملي الكركي الحكيم كان عالما فاضلا ماهرا أديبا شاعرا منشيا من المعاصرين له كتب منها شرح نهج البلاغة كبير وعقود الدرر في حل أبيات المطول والمختصر وغيرها من الكتب والحواشي وله اشعار غير ما ذكره السيد على في السلافة وعندي من شعره كثير بخطه في مدح أهل البيت عليهم السلام فمنه قوله من قصيدة:
فخاض أمير المؤمنين بسيفه * لظاها واملاك السماء له جند وصاح عليهم صيحة هاشمية * تكاد لها شم الشوامخ تنهد غمام من الأعناق تهطل بالدماء * ومن سيفه برق ومن صوته رعد وصى رسول الله وارث علمه * ومن كان في خم له الحل والعقد لقد ضل من قاس الوصي بضده * وذو العرش يأبى ان يكون له ند وقوله من قصيدة:
ولعمري لا أعذل ابن صهاك * ان بدت منه ذنبة أو بذاء هل عجبت خبث البنين إذا ما * خبث الأمهات والاباء وقوله من قصيدة:
رضيت لنفسي حب آل محمد * طريقة حق لم يضع من يدينها وحب على منقذي حين يحتوى * لدى الحشر نفس لا يفادى رهينها
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست