يتعلق بأهدابه، أو الكرم فهو بحره المستعذب النهل والعلل، أو الشيم فهو حميدها الذي يدب منه نسيم البرء في العلل، أو السياسة فهو أميرها الذي تجم منه الأسود في الأجم، أو الرياسة فهو كبيرها الذي هاب تسلطه سلطان العجم.
وكان الشاه عباس أضمر له السوء مرارا، وأمر حبل غيلته إمرارا، خوفا من خروجه عليه، وفرقا من توجه قلوب الناس إليه، فحال دونه ذو القوة والحول، وأبى إلا أن يتم عليه المنة والطول.
ولم يزل موفور العز والجاه، سالكا سبيل الفوز والنجاة، حتى استأثر به ذو المنة، وتلايا: يا أيتها النفس المطمئنة، فتوفي في سنة إحدى وأربعين و ألف - ره -.
ومن مصنفاته في الحكمة القبسات، والصراط المستقيم والحبل المتين، وفي الفقه شارع النجاة، وله حواش على الكافي والفقيه والصحيفة الكاملة وغير ذلك ومن إنشائه البديع الأسلوب، الاخذ بمجامع القلوب، ما كتبه إلى الشيخ بهاء الدين محمد مراجعا رحمهما الله تعالى.
لقد هبت ريح الانس، من سمت القدس، فأتتني بصحيفة منيفة كأنها بفيوضها بروق العقل بوموضها، وكأنها بمطاويها، أطباق الأفلاك بدراريها، وكأن أرقامها باحكامها، أطباق الملك والملكوت بنظامها، وكأن ألفاظها برطوباتها، أنهار العلوم بعذوباتها، وكأن معانيها بأفواجها، بحار الحق بأمواجها.
وأيم الله إن طباعها من تنعيم، وإن مزاجها من تسنيم، وإن نسيمها لمن جنان الومضوت، وإن رحيقها لمن دنان الملكوت، فاستقبلتها القوى الروحية، و برزت إليها القوة العقلية، ومدت إليها قطنة صوامع السر أعناقها من كوى الحواس وروازن المدارك وشبابيك المشاعر، وكادت حمامة النفس تطير من وكرها شعفا واهتزازا، وتستطار إلى عالمها شوقا وهزازا، ولعمري قد ترويت، ولكني لفرط ظمائي ما ارتويت:
شربت الحب كأسا بعد كأس * فما نفد الشراب ولا رويت