الشيخ داود بن أبي شافير البحراني (1) البحر العجاج، إلا أنه العذب لا الأجاج، والبدر الوهاج، إلا أنه الأسد المهاج، رتبته في الإنافة شهيرة، ورفعته أسمى من شمس الظهيرة، ولم يكن في مصره وعصره، من يدانيه في مده وقصره وهو في العلم فاضل لا يسامى، وفي الأدب فاصل لم يكل الدهر له حساما، إن شهر طبق، وإن نشر عبق، وشعره أبهى من شف البرود، وأشهى من رشف الثغر البرود، وموشحاته الوشاح المفصل، بل الصباح التي فرع حسنها وأصل.
أبو البحر جعفر بن محمد بن حسن بن علي بن ناصر بن عبد الامام الشهير بالخطي البحراني العبدي أحد بني عبد القيس بن شن بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد ابن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان رحمه الله تعالى (2).
ناهج طرق البلاغة والفصاحة، الزاخر الباحة الرحيب المساحة، البديع الأثر والعيان، الحكيم الشعر الساحر البيان، ثقف بالبراعة قداحه، وأدار على السامع كؤوسه وأقداحه، فأتى بكل مبتدع مطرب، ومخترع في حسنه مغرب، ومع قرب عهده فقد بلغ ديوان شعره من الشهرة المدى، وسار به من لا يسير مشمرا، وغنى به من لا يغني مفردا، وقد وقفت على فوائده التي لمعت، فرأيت ما لا عين رأت ولا اذن سمعت، وكان قد دخل الديار العجمية فقطن منها بفارس، ولم يزل بها وهو لرياض الآداب جان وغارس، حتى اختطفته أيدي المنون، فغرس بفناء الغناء وخلد عرايس الغنون.
وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وألف رحمه الله تعالى، ولما دخل إصبهان اجتمع بالشيخ بهاء الدين محمد العاملي رحمه الله تعالى، وعرض عليه أدبه، فاقترح عليه معارضة قصيدته الرائية المشهورة.