إليه أمور الشريعة على صاحبها الصلاة والسلام.
ثم رغب في الفقر والسياحة، واستهب من مهاب التوفيق رياحه، فترك تلك المناصب، ومال لما هو لحاله مناسب، فقصد حج بيت الله الحرام، وزيارة النبي و أهل بيته الكرام، عليهم أفضل الصلاة والتحية والسلام.
ثم أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة، وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أرباب الفضل والحال، ونال من فيض صحبتهم ما تعذر على غيره واستحال.
ثم عاد وقطن بأرض العجم، وهناك همي غيث فضله وانسجم، فألف وصنف وقرط المسامع وشنف، وقصدته علماء الأمصار، واتفقت على فضله الاسماع والابصار، وغالت تلك الدولة في قيمته، واستمطرت غيث الفضل من ديمته، فوضعته في مفرقها تاجا، وأطلعته في مشرقها سراجا وهاجا، وتبسمت به دولة سلطانها الشاه عباس، واستنارت بشموس آرائه عند اعتكار حنادس الباس، فكان لا يفارقه سفرا و حضرا، ولا يعدل عنه سماعا ونظرا، إلى أخلاق لو مزج بها البحر لعذب طمعا، وآراء لو كحلت به الجفون لم يلف أعمى، وشيم هي في المكارم غرر وأوضاح، وكرم بارق جوده لشائمه لامع وضاح، تتفجر ينابيع السماح من نواله، ويضحك ربيع الافضال من بكاء عيون أمواله.
وكانت له دار مشيدة البناء، رحيبة الفناء، يلجأ إليها الأيتام والأرامل، و يفد عليها الراجي والآمل، فكم مهد بها وضع، وكم طفل بها رضع، وهو يقم بنفقتهم بكرة وعشيا، ويوسعهم من جاهه جنابا مغشيا، مع تمسكه من التقى بالعروة الوثقى، وايثار الآخرة على الدنيا، والآخرة خير وأبقى.
ولم يزل آنفا من الانحياش إلى السلطان، راغبا في الغربة عازفا عن الأوطان يؤمل العود إلى السياحة، ويرجو الاقلاع عن تلك الساحة، فلم يقدر له حتى وافاه حمامه، وترنم عل أفنان الجنان حمامه.
وأخبرني بعض ثقات الأصحاب أن الشيخ - ره - قصد قبيل وفاته زيارة