حاوي خصال المكارم والفضائل لهج اللسان بالذكر عند المعضلات، ولع الاعتبار عند النظر والخطرات، محقق العلوم العقلية والآداب، عارف المحكمات والمتشابهات من الكتاب، العالم العامل، الفاضل الكامل، النقي لنقي، الورع العابد الزاهد المجاهد، شمس الملة والعلم والحق والدين، محمد بن الحسن الاسترآبادي جعله الله من الفائزين يوم الحسرة والندامة، بل من الشافعين المشفعين في عرصات القيامة، فوصل خطاه سيرا إلى محال القدس والبركات، ومنزل الرحمة ومرتفع الدرجات، مواقع النجوم التي أقسم بها مليك السماوات.
فلما قضى من الزيارة أربا وأحسن عند الحضرة الغروية على مشرفها الصلاة و السلام أدبا، رأى العبد المحقر في كماله المصغر في إفضاله، وهو مشغول بدراسة بعض المسائل الشرعية على الطريقية النبوية العتروية فأحب أن يفيد باسم المستفيد و يزيد، ويعين باسم المستعين المستزيد، إذ ليس المملوك أهلا أن يفيد مثله في الكمال لقلة البضاعة وكثرة الإضاعة في أكثر الأحوال.
فذاكرته في الكتاب الموسوم بالشرايع من أوله إلى آخره، إذ هو في فنه رايع سقى الله قبرا حله من أتى به صوب عهاد فيض سحائب القدس الربانية، وأفاض عليه المراحم الرحيمية الرحمانية، مذاكرة شهدت له بالفضل والاطلاع، والمعرفة والاتساع، وكانت الإفادة منه أكثر من الاستفادة، بل ليس إلا ما أفاده.
فلما أتى على آخره بالمشهد المقدس الغروي، التمس مني أن أجيز له ما أجيز لي من الرواية، لينتظم في سلك رواية الحديث عن أئمة الهدى عليهم السلام، وليتوصل إلى نقل الفتاوى لمن بعد عنه المدى، وأن أجيز له في لاعمل بما قرأه ونقله إلى من يعمل به من الطلبة، فأجبت إلى ما التمسه طلبا لرضاه، ولوجوب نقل العلم إلى من أرضاه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
ولا قدم لذلك مقدمة هي أنه قد صح من مذهب الطائفة المحقة أن أخذ الأحكام لا تجوز إلا عن صادق عرف صدقه بعصمته، وعصمته بنص ربه ونبي شريعته لأن من سواء لا يؤمن مخالفته فضلا عن خطائه وإصابته، ولا يجوز غير ذلك مع الامكان