ولا تنس محاسبة نفسك يوما وليلة أبدا، فان النفس إذا [أرسلت] ظ استرسلت وإذا قيدت تقيدت.
واختم على فمك لا يخرج منه كلمة إلا وتحب أن تراها مكتوبة في عملك يوم القيامة، فما لا تحبه فاتركه، فقد روي عن رجل من المجاهدين قتل مع النبي صلى الله عليه وآله في بعض الغزوات، فأتته أمه وهو شهيد بين القتلي، فرأت في بطنه حجر المجاعة مربوطا لشدة صبره وقوة عزمه، فمسحت عليه وقالت هنيئا لك يا بني فسمعها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها: مع أو نحوها، لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه.
وعليك بالمواظبة على الدعاء في كل حال والالحاح فيه، فقد روي عنهم صلى الله عليهم ما فتح الله لأمر باب دعاء إلا وفتح له باب إجابة، واجهد في الدعاء لإخوانك، فان لك بالدعاء لهم مائة ألف ضعف ما تدعوه مضمونة، ودعاؤك لنفسك مظنون، فإذا صحت عقيدة امرء من الناس فلا يكن في قلبك عليه غل أبد لأن معاصيه تتعاظم على الله، فقد روي عنهم عليهم السلام أن رجلا قال " " والله لا يغفر الله لفلان " فقال تعالى " قد غفرت ذنوبه وحبطت عمل الذي تأبى على أن أغفر لعبدي " ولا يمنعك ذلك من الانكار عليه بمراتب.
وليكن في نفسك أن ليس في الكون من هو أدون منك، لعلمك بمعصيتك، وعدم عذر نفسك فهيا، وما سواك لا تعلمه، ولأن عاقبة الأمور مستورة عنك، فعسى العاصي يغفر له، والطائع يحبط عمله.
وإياك ثم إياك ثم إياك أن تميل نفسك في أحد إلى حب الرياسة بالحق، فان ذلك من أكبر ما يعصى الله به وذلك لأن الله تعالى إذا رضي منك بأن لا تكلف إلا نفسك كان خيرا لك من أن تسأل عن غيرك، وليس بمفتقر انك سبب النجاة لغيرة خصوصا إذا مالت النفس إليها.
ولا تخدعنك نفسك بأن ذلك لله، فان كراهة الرياسة لله، والنيات لها لله إذا اتفقت من غير حب لها، هو سبيل الصالحين بل سبيل المعصومين الذين علموا أن تعريفهم عن الله وتوصيلهم من الله إلى الله، فإذا عرض لك فإنه يكون ريبا ولو