ليلة العيد - فيما تنزل الملائكة والروح فيها، وإنما يتلو هذه الألفاظ بالغفلة عن المراد بها، والقصد لها، ولسان حال عقله كالمتعجب منه، ولا يؤمن أن يكون الله جل جلاله معرضا عنه لتهوينه بالله جل جلاله في خطابه بالمحال، ومجالسته لله جل جلاله بالاهمال.
أقول: وربما يطلب في هذه الشهر في الدعوات ما كان الداعون قبله يطلبونه وهو لا يطلب حقيقة ما كانوا يطلبونه، ويريدونه، مثل قوله " وأدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد " وقد كان من جملة الخير الذي أدخلهم الله جل جلاله فيه الامتحان بالقتل، والحبوس، والاصطلام، وسبي الحرم، وقتل الأولاد، و احتمال كثير من أذى الأنام، وأنت أيها الداعي لا تريد أن تبتلي بشئ منه أصلا ومن جملة الخير الذي أدخلهم فيه الإمامة، وأنت تعلم أنك لا ترى نفسك لطلب ذلك أهلا فليكن دعاؤك في هذه الأمور مشروطا بما يناسب حالك، ولا تطلب بقلبك ولفظك ظاهر معاني اللفظ المذكور، مثل أن تطلب في الدعاء القتل في سبيل المراضي الإلهية وأنت ما تريد نجاح هذا المطلوب بالكلية، فليكن مطلوبك منه أن يعطيك ما يعطي من قتل في ذلك السبيل الشريف من أهل القوة والمعرفة بذلك التشريف، وإن لم يكن محاربا في الله ولا مجاهدا، بل بفضل الله المالك [الملك] اللطيف.
ومثل أن يطلب في الدعاء أن يجعل رزقه قوت يوم بيوم، ويعني ما يمسك رمقه أو يشبعه وعياله، وهو لا يرضى بإجابته إلى هذا المقدار، ولو أجابه الله جل جلاله كان قد استعاد منه كثيرا مما في يديه من زيادة اليسار، فليكن قصدك في أمثال هذه الدعوات موافقا لما يقتضيه حالك من صواب الإرادات، واحذر أن تكون لاعبا ومستهزئا وغافلا في الدعوات (1).