يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا بل العقل والنقل والتجربة قد أذنت بخلاف ذلك كله وان المخلص أعماله يحببه الله إلى المخلوقين الصالحين والفاسقين بل إلى كثير من الكافرين فتراهم يعظمونه ويوقرونه ويلتمسون بركته مع ضعفه وفقره وقلة ذات يده وقلة عمله والمرائي يظهر الله تعالى الخلق على باطنه وخبث نفسه وفساد نيته فيمقتونه ولا يفوز بمطلبه ويضيع تعبه ويبطل سعيه كما روى أن رجلا من بني إسرائيل قال والله لأعبد ان لله عبادة أذكر بها فكان أول داخل إلى المسجد واخر خارج منه لا يراه أحد حين الصلاة الا قائما يصلى وصائما لا يفطر ويجلس إلى حلق الذكر فمكث بذلك مدة طويلة وكان لا يمر بقوم الا قالوا فعل الله بهذا المرائي وصنع فاقبل على نفسه وقال أراني في غير شئ لأجعلن عملي كله لله فلم يزد على عمله الذي كان يعمل قبل ذلك الا انه تغيرك نيته إلى الخير فكان ذلك الرجل يمر بعد ذلك بالناس فيقولون رحم الله فلانا الان اقبل على الخير وقد نبه الله تعالى على ذلك في كتابه فقال إن الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ثم هب انهم أحبوك وأكرموك وخفى خبثك عليهم مع أن الله تعالى مطلع على فاسد نيتك وخبث سريرتك فأي خير لك في مدح الناس وأنت عند الله مذموم ومن أهل النار وأي شر لك من ذم الناس و أنت عبد الله ممدوح من أهل الجنة وفى زمرة المقربين ومن أحضر في قلبه الآخرة ونعيمها المؤبد والمنازل الرفيعة عند الله تعالى استحقر ما يتعلق بالخلق أيام الحياة مع ما فيه من الكدورات والمقصات واجتمع همه وانصرف إلى الله تعالى قلبه وتخلص من مذمة الريا ومقاسات قلوب الخلق وانعطف من اخلاصه أنوار على قلبه ينشرح بها صدره ويستأنس بها من وحشته فإن لم يكتف بذلك كله فليتأمل ثلثة أشياء أحدها انه لو قيل لك ان هناك رجلا معه جوهر نفيس يساوى مأة ألف دينار وهو محتاج
(١٥٤)