رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٤٩
ثم كيف تطمع ان تتخلص من الشيطان بترك العمل وقد أطعته فيه فإنه لا يخليك أيضا بل يقول لك الان يقول الناس انك تركت العمل البق انك مخلص لا تشتهي الشهرة إلى غير ذلك من اللعب بك وانما خلاصك من ذلك كله ان تلزم قلبك معرفة آفات الريا وضرره لتلزم كراهته وتستمر مع ذلك على العمل ولا يتألى وتلزم قلبك الحياء من الله تعالى إذ دعتك نفسك إلى أن تستبدل بحمد الله تعالى حمد المخلوقين وهو مطلع على قلبك ولو اطلع الخلق على قلبك وانك تريد حمدهم لمقتول بل إن قدرت على أن تزيد في العمل حياء عن ربك وعقوبة لنفسك فافعل ومنها أن يقول له اترك العمل لئلا يظن الناس بك خيرا وتشتهر به وأحب العباد إلى الله الأتقياء الأخفياء الذين إذا شهدوا لم يعرفوا فإذا عرفت بين الناس بالعبادة لم يكن لك حظ من هذا الوصف وهذه أيضا من مكايده وما عليك إذا أخلصت العمل لله تعالى أو تعرف به أو تجهل وانما عليك مراعاة قلبك واصلاح سرك وكيف يخفى على الناس إذا كنت صالحا وهو تعالى يقول عليك اخفاؤه وعلى اظهاره ويقول من أصلح سريرته أصلح الله علانيته وإياك ان يعزك اللعين عند ذلك ويقول إذا كنت لا تترك العمل لذلك فأخف العمل فان الله تعالى سيظهره عليك وأما إذا أظهرته فيمكن ان تقع في الريا وهذا التلبيس عين الريا لان اخفاؤك له كي يظهر عليك بين الناس هو بعينه العمل لأجل الناس وما عليك إذا كان مرضيا لله تعالى ان يظهرا ويخفى لولا نظرك إلى رضاء الناس إذا تقرر ذلك فإياك ان تحملك دقايق الاخلاص وصعوبة الخلاص على الكسل والقعود عن الطاعات نظرا إلى ما تجده في نفسك من السرور بالطاعة وزيادة الابتهاج باطلاع الناس عليك بفعل العبادة بل اجتهد في قلع مادة الفساد ومجاري الشيطان عنك واعمل واما سرورك بالطاعة فان
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست