رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٥٠
منه محمود ومنه مذموم فالمحمود ان يكون من قصدك وداعيك اخفاء الطاعة والاخلاص لله سبحانه ولست مستكثرا لعملك وانما سرورك في أن وفقك للعمل وأخرجك من ربقة البطالين والغافلين ولم تبلغ بالسرور حد العجب الآتي ذكره وإذا حصل اطلاع الناس عليه فلم يحصل من قبلك وانما سررت باطلاعهم نظر إلى أن الله سبحانه هو الذي أطلعهم عليه وأظهر لهم الحميل تكرما عليك وتفضلا ونحو ذلك والمذموم ان تفرح به استكثارا وركونا إليه وبظهور الناس عليه لقيام منزلتك عندهم ليمدحوك و ويقوموا بقضاء حوائجك ويعاملون بالاكرام ونحو ذلك فإنه رياء محض ومحيط للعمل واصله حب الدنيا ونسيان الآخرة وقلة التفكر فيما عند الله نسأل الله من فضله ان لا يعاملنا بعدله بل يسامحنا بعفوه ويسترد زلاتنا بصفحه انه جواد كريم واما العجب فهو استعظام العمل والابتهاج به والادلال به وان يرى العامل نفسه خارجة بسببه عن حد التقصير وهذا من أعظم المهلكات بل هو الناقل للعمل من كفة الحسنات إلى كفه السيئات ومن رفيع الدرجات إلى أسفل الدركات كما تقدم في الاخبار ولذلك قال عيسى عليه السلام يا معاشر الحواريين كم من سراج قد أطفأته الريح وكم من عابدا فسد العجب و روى سعيد بن أبي خلف عن الصادق عليه السلام قال عليك بالجد ولا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله وطاعته فان الله تعالى لا يعبد حق عبادته ومنشأ العجب الغفلة عن عيوب الأعمال وآفات العبادات وعن نعم الله تعالى على العامل من الخلق والاقدار والالطاف والتسخير وغير ذلك فانظر إلى الأقرب إليك في هذا المقام وهو الصلاة التي هي عمود الدين وأول ما ينظر فيه من اعمال ابن ادم فان ردت رد ساير عمله وتأمل حدودها التي قد حكيناها مستندة إلى النصوص الصحيحة فلا يكاد يسلم لك صلاة واحدة كاملة تثق من نفسك بقبول الله إياها وهلم جرا
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست