رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٥٢
المدة القصيرة التي أكثرها قد مضى على الغفلة ويكاد يلحق باقيها بماضيها ان لم يستيقظ الغافل ويستدرك ما فرط وليس في تلك الدار الا الجنة أو النار والجنة قد أعدت للمتقين كما أن النار قد أعدت للفاسقين وبالجملة فالخطر عظيم و الامر جسيم والغفلة شاملة ونحن مع ذلك لا تشعر وقد قال النبي صلى الله عليه وآله يمضى على الرجل ستون سنة أو سبعون سنة ما قبل الله منه صلاة واحدة وقال الصادق عليه السلام لحماد بن عيسى الذي كان يحفظ في فقه الصلاة كتاب حريز ودعا له الصادق بان يحج خمسين حجة وان يكثر الله ما له وولده فأجيب له في جميع ذلك حين صلى عنده ركعتين ما أقبح بالرجل منكم يمضى عليه ستون سنة أو سبعون سنة لا يحسن ان يقيم صلاة واحدة بحدودها وقال صلى الله عليه وآله وسلم كم من قارئ للقران والقرآن يلعنه وكم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش إلى غير ذلك من الآثار الدالة على صعوبة الامر ودقة الخطر فاحضار هذا وشبهه وما تقدم في المقدمة من الأثر مما يعين على حضور القلب مضافا إلى ما سلف من الدوامة للعين على ذلك في المطلب الثالث وإن كان المنافى من قبيل المفسدات فالعلاج النافع فيما ينافي الاخلاص هي هود التفكر في مضرة الريا وما يفوت بسببه من صلاح القلب وما يحرم عنده في الحال من التوفيق وفى الآخرة من المنزلة عند الله تعالى وما يتعرض له من العقاب العظيم و المقت الشديد والخزي الظاهر حيث ينادى ربه على رؤوس الاشهاد والعباد يا فاجر يا غادر يا مرائي إما استحييت إذا اشتريت بطاعة الله تعالى عرض الدنيا راقبت قلوب العباد واستهزأت بطاعة الله تعالى وتحببت إلى العباد بالتبغض إلى الله تعالى وتزينت لهم بالشين عند الله تعالى وتقربت إليهم بالبعد من الله تعالى وتحمدت إليهم بالتذمم عند الله وطلبت رضاهم بالتعرض لسخط الله تعالى إما كان أهون عليك من الله فمهما تفكر العبد في هذا الخزي وقابل ما يحصل له من العباد والتزين
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست