فرحك فيه بما لم تخلق لأجله ولم يجعل عيدا بسببه من الماكل والمشرب واللباس وغير ذلك من متاع الدنيا البائرة فإنما هو عيد لكثرة عوائد الله تعالى فيه على من عامله بمتاجرة الآخرة واما الآيات فاستحضر عندها أهوال الآخرة وزلازلها وتكوير الشمس والقمر وظلمة القيمة ووجل الخلائق والتجائهم واجتماعهم في تلك العرصة وخوفهم من الاخذ والنكال والعقوبة والاستيصال فأكثر من الدعاء والابتهال بمزيد الخشوع والخضوع والخوف والوجل في النجاة من تلك الشدائد ورد النور بعد الظلمة والمسامحة إلى الهفوة والذلة وتب إلى الله تعالى من جميع ذنوبك وأحسن التوبة عسى ان ينظر إليك وأنت منكسر النفس مطرق الرأس مستحى من التقصير فيقبل توبتك و يسامح هفوتك فإنه يقبل القلوب المنكسرة ويحب النفوس الخاشعة والأعناق الخاضعة والتململ من نقل الأوزار والحذر من منقلب الاضرار واما صلاة الطواف فاستحضر عندها جلالة البيت لجلالة رب البيت واعلم انك بمنزلة الواقف في حضرة الملك المطلق والحاكم المحفق وانه وإن كان في جميع أحوالك مطلع على سريرتك محيط بباطنك وظاهرك لكن الحال في ذلك الموضع أقوى والمراقبة فيه أتم واولى والغفلة ثم أصعب وأدهى وأين المقصر في تعظيم الملك بين ندبه ولدى كرسيه وبين النائي عنة والبعيد منه وإن كان علمه شاملا للجميع ومحيطا بالكل فلتزد بذلك في خشوعك واقبالك ولتحذر بسبب ذلك من اعراضك و اهمالك ومن تم كان الذنب في تلك البقاع الشريفة مضاعفا والحسنة فيها أيضا مضاعفة وتفكر فيمن سبوا من الأنبياء والمقربين والصالحين فترى اثارهم وقربهم وما اردتهم عملهم وحبهم من السعادة المخلدة والنعمة المؤبدة المجددة على مر الدهور مطردة على كل العصور وتاس بهم في الأعمال وكمال الاقبال وليكن
(١٦٥)