رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٥٣
لهم في الدنيا بما يفوته من الآخرة وبما يحيط عليه من ثواب الأعمال مع أن العمل الواحد ربما كان يترجح به ميزان حسناته لو خلص فإذا فسد بالرياء حول إلى كفه السيئات بترجح به بعد إن كان مرجوحا ويهوى إلى النار فلو لم يكن في الرياء الا احباط عبادة واحدة لكان ذلك كافيا في معرفة ضرره وإن كان مع ذلك ساير حسناته راجحة فقد كان ينال بهذه الحسنة علو المرتبة عند الله تعالى في زمرة النبيين والصديقين وقد حط عنهم بسبب الرياء ورد إلى صف النعال من مراتب الأولياء ان لم تستوجب النار والخزي والطرد من الملك الجبار هذا مع ما يتعرض له في الدنيا من تشتت الهم بسبب ملاحظة قلوب الخلق فان رضاء الناس غاية لا تدرك فكل ما يرضى به فريق يسخط به فريق ورضاء بعضهم في سخط بعض ومن طلب رضاهم في سخط الله تعالى سخط الله عليه وأسخطهم أيضا عليه كما ورد في الاخبار ودلت عليه التجربة ثم أي عرض له في مدحهم وايثار ذم الله لأجل حمدهم ولا يزيد مدحهم رزقا والا اجلا ولا ينفعه يوم فقره وفاقته وهول يوم القيمة واما الطمع لما في أيديهم فبان يعلم أن الله هو المسخر للقلوب بالمنع والاعطاء وان الخلق مضطرون فيه ولا رازق الا الله ومن طمع في الخلق لم يخل من الله والخيبة والمقت والإهانة وان وصل إلى المراد لم يخل عن المنة والمهانة ومن اعتمد على الله وجعل همه معه كفاه الله همه من الدنيا والآخرة فكيف يترك ما عند الله لرجاء كاذب ووهم فاسد وقد يصيب وقد يخطى وإذا أصاب فلا يفي لذته بالم منته ومذلته واما ذمهم فلم يحذر منه ولا يزيد ذمهم شيئا ما لم يوافقهم الله عليه ولا يعجل اجله ولا يؤخر رزقه ولا يجعله من أهل النار إن كان من أهل الجنة ولا يبغضه إلى الله تعالى إن كان محمودا عند الله ولا يزيد مقتا إن كان ممقوتا عند الله فالعباد كلهم عجزة ولا يملكون لأنفسهم فنعا ولا ضرا ولا
(١٥٣)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الرياء (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست