إلى ثمنه بل إلى بيعه عاجلا والى اضعاف ثمنه فحضر من يشترى منه متاعه باضعاف ثمنه إلى حاجته إلى الأضعاف أيضا فابى بيعه بذلك وباعه بفلس واحد أليس ذلك يكون خسرانا مبينا وغبنا فظيعا ودليلا بينا على خسة الهمة وقصور الفهم والعلم وضعف الرأي ورقة العقل بل على السقه المحض وهذا بعينه أبلغ من حال المرائي في عمله بل في عبادة واحدة فان ما يناله العبد بعمله من الخلق من مدحه وحطام الدنيا بالإضافة إلى رضاء رب العالمين وشكره وثواب الآخرة ونعيم الجنة الدائم المخلص من شوب الكدورات أقل من فلس في جنب الف ألف دينار بل في جنب الدنيا وما فيها وأكثر وهذا هو الخسران المبين ان تفوت نفسك تلك الكرامات العزيزة الشريفة بهذه الأمور الحقيرة الدنية ثم وإن كان لا بد لك من هذه الهمة الخسيسة فاقصد أنت الآخرة تتبعك الدنيا بل اطلب الرب وحده يعطيك الدارين إذ هو مالكهما جميعا وذلك قوله تعالى من كان يزيد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان الله يعطى الدنيا بعمل الآخرة ولا يعطى الآخرة بعمل الدنيا فإذا أنت أخلصت النية وجردت الهمة للآخرة حصلت لك الدنيا والآخرة جميعا وان أنت أردت الدنيا ذهب عنك الآخرة في الوقت وربما لا تنال الدنيا كما تريد وان قلتها فلا تبقى لك بل تزول عنك قريبا فقد خسرت الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين ونظير هذا الشخص بالنسبة إلى هذا المثل من يصرف جزءا من عمره ونفسا من أنفاسه الذي يمكنه به تحصيل كنز من كنوز الجنان فيما يحصل به دانق أو حبة أو درهم أو دينار من متاع الدنيا ويترك ذلك الكنز الدائم لغير ضرورة ما هذا الا عين الغفلة والخسران وخسة الهمة والخذلان وثانيها ان المخلوق والذي تعمل لأجله وتطلب رضاه لو علم انك تعمل لأجله لأبغضك وسخط عليك واستهان بك واستخف بك مضافا إلى مقت الله تعالى واهانته وخذلانه وما تعمله الله خالصا يوجب رضا الفريقين
(١٥٥)