منهم يعمل في الليل والنهار فيكون قيمة كل ذلك دراهم معدودة فان صرفت الفعل إلى الله تعالى وصمت لله يوما قال الله انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب و في الخبر أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فهذا يومك الذي قيمته درهمان مع احتمال التعب العظيم صارت له هذا القيمة بتأخير غداء إلى عشاء ولو قمت ليلة لله تعالى فقد قال الله تعالى فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون فهذا الذي قيمته درهم صارت له كل هذه القيمة والقدر بل لو جعلت لله ساعة تصلى فيها ركعتين خفيفتين بل نفسا قلت فيه الا اله الا الله قال الله تعالى من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب فحق إذا للعاقل ان يرى حقارة عمله وقلة مقداره من حيث هو وان لا يرى الامنة الله عليه فيما شرف به من قدر عمله و أعظم من جزائه وان يحذر في فعله ان يقع على وجه لا يصلح لله تعالى ولا يقع منه موقع الرضا فيذهب عنه موقع القيمة التي حصلت له ويعود إلى ما كان في الأصل من الثمن الحقير فقس قدر عملك في نفسه إلى ما عليك من نعمه فهل تجده وافيا بعشر عشيرة وهل توفيقك للقيام بوظائف العبودية وتأهيلك للخدمة الإلهية الا نعمة بل أعظم نعمة يلزمك شكرها كما أشير إليه في خبر داود عليه السلام حين اوحى الله إليه ان اشكرني حق شكري فقال يا رب كيف أشكرك حق شكرك والشكر من نعمتك تستحق عليه شكرا فقال يا داود إذا عرفت ان ذلك منى فقد شكرتني وروى أن بعض الوعاظ قال لبعض الخلفاء أتراك لو منعت شربه من الماء عند عطشك بم كنت تشتريها قال بنصف ملكي قال أتراها لو حبست عنك عند خروجها بم كنت تشتريها قال بالنصف الأخر قال فلا يغرنك ملك قيمته شربة ماء ففكر أنت كم تتناول في كل يوم شربة ماء هنيئة واكلة
(١٥٧)