رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١١٥
إذا أردت الطهارة والوضوء فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله فان الله تعالى قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ودليلا إلى بساط خدمته وكما أن رحمته تطهر ذنوب العباد فكذلك النجاسات الطاهرة يطهرها الماء لاغير قال الله تعالى وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا وقال عز وجل وجعلنا من الماء كل شئ حي فكما أحيى به كل شئ من نعيم الدنيا كذلك بفضله ورحمته جعل حياة القلوب بالطاعات وتفكر في صفاء الماء ودقته وطهوره وبركته ولطيف امتزاجه بكل شئ وفى كل شئ واستعمله في تطهير الأعضاء التي امرك الله بتطهيرها و أت بأداتها في فرايضه وسننه فان تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة إذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عين فوائده عن قريب ثم عاشر خلق الله تعالى كامتزاج الماء بالأشياء يودى كل شئ حقه ولا يتغير عن معناه معتبر القول رسول الله صلى الله عليه وآله مثل المؤمن الخاص كمثل الماء وليكن صفوتك مع الله في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء وسماه طهورا وطهر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء وفى علل ابن شاذان عن الرضا عليه السلام انما أمر بالوضوء ليكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي الجبار وعند مناجاته إياه مطيعا له امره نقيا من الأدناس و النجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار وانما وجب على الوجه واليدين والرأس والرجلين لان العبد إذا قام بين يدي الجبار فإنما ينكشف من جوارحه ويظهر ما وجب فيه الوجوه وذلك أنه بوجهه يسجد ويخضع وبيده يسأل ويرغب ويرهب ويتبتل وبرأسه يستقبله في ركوعه وسجوده وبرجليه يقوم ويقعد وامر بالغسل من الجنابة دون الخلاء لان الجنابة من نفس الانسان وهي شئ يخرج من جميع جسده والخلاء ليس هو من نفس الانسان انما هو غذاء يدخل من باب ويخرج
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست