رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١١٧
رضاه فان المعول ذلك وما عداه لا شئ واما ستر العورة فاعلم أن معناه تغطية مقابح بدنك عن ابصار الخلق فان ظاهر بدنك موقع نظر الخلق فما رأيك في عورات باطنك ومقابح سترك التي لا يطلع عليها الا رأيك فاحضر تلك المقابح ببالك وطالب نفسك تسرها وتحقق انه لا يستبر عن عين الله تعالى سالم وانما يسترها ويكفرها الندم والحياء والخوف فتستفيد باحضارها في قلبك انبعاث جنود الخوف والحياء من مكانها فتذل به نفسك وتسكن تحت الخجلة قلبك وتقوم بين يدي الله قيام العبد المجرم المسئ الآبق الذي ندم فرجع إلى مولاه بانكسار رأسه من الحياء والخوف قال الصادق عليه السلام أزين اللباس للمؤمنين لباس التقوى وأنعمه الايمان قال الله عز وجل ولباس التقوى ذلك خير وإما اللباس الظاهر فنعمة من الله يستر بها عورات بنى ادم وهي كرامة أكرم الله بها عباده ذرية ادم عليه السلام ما لم يكرم غيرهم وهي للمؤمنين آلة لأداء ما افترض الله عليهم وخير لباسك لاما يشغلك عن الله عز وجل بل يقربك من شكره وذكره وطاعته ولا يحملك فيها إلى العجب والريا والتزين والمفاخرة والخيلاء فاه من أفات الدين ومورثة القسوة في القلب فإذا لبست ثوبك فاذكر ستر الله تعالى عليك ذنوبك برحمته والبس باطنك بالصدق كما البست ظاهرك بثوبك ولكن باطنك في ستر الرهبة وظاهرك في ستر الطاعة واعتبر بفضل الله عز وجل حيث خلق أسباب اللباس لتستر العورات الظاهرة وفتح أبواب التوبة والإنابة لتستر بها عورات الباطن من الذنوب واخلاق السوء ولا تفضح أحدا حيث ستر الله عليك أعظم منه واشتغل بعيب نفسك واصفح عما لا يعينك حاله وأمره واحذر ان تفتى عمرك لعمل غيرك ويتجر برأس مالك غيرك ونهلك نفسك فان نسيان الذنوب من أعظم عقوبة الله تعالى في العاجل
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست