هذا التشبيه الا من بعض الوجوه كما لا يخفى وهذا المعنى من القلب في الجسد بمنزلة الملك وله فيه جنود وأعوان واضداد وأوصاف وله قبول للاشراف والظلمة كالمرأة الصافية التي تقبل انطباع الصور والاشكال المقابلة لها وتقبل الظلمة والفساد والبعد عن الاعداد لذلك بسبب العوارض الخارجية المنافية لجوهرها وربما وصل اشراقه واستنارته إلى حد يحصل فيه جلية الحق وتنكشف فيه حقيقة الامر المطلوب والى مثل هذا القلب الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله إذا أراد الله بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه وبقوله صلى الله عليه وآله من كان له من قلبه واعظ كان عليه من الله حافظ ومثال الآثار المذمومة الواصلة إليه المانعة له من الاستنارة وقبول الاسرار مثال دخان مظلم يتصاعد إلى مراة ولا يزال يتراكم عليه مرة بعد أخرى إلى أن يسود ويظلم ويصير بالكلية محجوبا عن الله تعالى وهو الطبع والرين اللذين أشار الله تعالى إليهما في قوله إن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون ربط عدم السباع والطبع بالذنوب كما ربط السماع بالتقوى في قوله تعالى واتقوا الله واسمعوا واتقوا الله ويعلمكم الله وقال الله تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون فمهما تراكمت الذنوب طبع على القلب وعند ذلك يعمى عن ادراك الحق و صلاح الدين ويتهاون بالآخرة ويستعظم أمر الدنيا ويصير مقصورا لهم عليه وإذا قرع سمعه أمر الآخرة وما فيها من الاحظار دخل من اذن وخرج من الأخرى ولم يستقر في القلب ولم يحركه إلى التوبة والتدارك وهذا هو معنى اسوداد و القلب بالذنوب كما نطق به القران والسنة كما في قوله صلى الله عليه وآله قلب المؤمن أجرد فيه سراج يظهر وقلب الكافر اسود منكوس وقول الباقر عليه السلام ان القلوب ثلثة قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير وهو قلب الكافر وقلب فيه نكتة سوداء فالخير والشر فيه يختلجان فأيهما كانت منه غلب عليه وقلب مفتوح فيه مصابيح تظهر لا يطفأ نوره
(١٠٤)