رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١١٨
وأوفر أسباب العقوبة في الاجل ما دام العبد مشتغلا بطاعة الله تعالى ومعرفة عيوب نفسه وترك ما يشين في دين الله فهو بمعزل عن الآفات خايض في بحر رحمة الله عز وجل يفوز لجواهر الفوائد من الحكمة والبيان وما دام ناسيا لذنوبه جاهلا لعيوبه راجعا إلى حوله وقوته لا يفلح إذا ابدا واما المكان فاستحضر فيه انك كاين بين يدي ملك الملوك تريد مناجاته والتضرع إليه والتماس رضاه ونظره إليك بعين الرحمة فانظر مكانا يصلح لذلك كالمساجد الشريفة والمشاهد المطهرة مع لامكان فإنه تعالى جعل تلك المواضع محلا لاجابته ومظنة لقبوله ورحمته ومعدنا لمرضاته مغفرته على مثال حضرت الملوك الذين يجعلونها وسيلة لذلك فأدخلها ملازما السكينة والوقار مراقبا للخشوع والانكسار وسائلا ان يجعلك من خاص عباده وان يلحقك بالماضين منهم وراقب الله كأنك على الصراط جائز وكن مترددا بين الخوف والرجاء وبين القبول والطرد فيخشع ح قلبك ويخضع لبك وتتأهل لان تفيض عليك الرحمة وتنالك يدا لعاطفة وترعاك عين العناية قال الصادق عليه السلام إذا بلغت باب المسجد فاعلم انك قصدت ملكا عظيما لايطأ بساطه الا المطهرون ولا يؤذن لمجالسته الا الصديقون وهب القدوم والى بساط خدمته هيبة الملك فإنك على خطر عظيم ان غفلت واعلم أنه قادر على ما يشاء من العدل والفضل معك وبك فان عطف عليك فبفضله ورحمته قبل منك يسير الطاعة واجزل لك عليها ثوابا كثيرا وان طالبك باستحقاقه الصدق والاخلاص عدلا بك حجبك ورد طاعتك وان كثرت وهو فعال لما يريد واعترف بعجزك وتقصيرك وفقرك بين يديه فإنك قد توجهت للعبادة له والموانسة به واخل قلبك عن كل شاغل يحجبك عن ربك فإنه لا يقبل الا الأطهر الا خلص فان ذقت من حلاوة مناجاته وشربت بكأس رحمته
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست