رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١١٤
القياس ثم أمر بغسل اليدين لمباشرتهما أكثر أحوال الدنيا الدنية والمشتهيات الطبيعية ثم بمسح الرأس لان فيه القوة المفكرة التي يحصل بواسطتها القصد إلى تناول المرادات الطبيعية وتنبعث الحواس ح إلى الاقبال على الأمور الدنيوية المانع من الاقبال على الآخرة السنية ثم بمسح الرجلين لان بهما يتوصل إلى مطالبه ويتوصل إلى تحصيل ماربه على نحو ما ذكر في باقي الأعضاء و ح فيسوغ له الدخول في العبادة والاقبال عليها فائزا بالسعادة وامر في الغسل بغسل جميع البشرة لان أدنى حالات الانسان وأشدها تعلقا وتملكا بالملكات الشهوية حالة الجماع وموجبات الغسل ولجميع بدنه مدخل في تلك الحالة ولهذا قال صلى الله عليه وآله ان تحت كل شعرة جنابة فحيث كان جميع بدنه بعيدا عن المرتبة العلية منغمسا في اللذات الدنية كان غسله أجمع من أهم المطالب الشرعية ليتأهل المقابلة الجهة الشريعة والدخول في العبادة المنيفة ويبعد عن القوى الحيوانية واللذات الدنياوية ولما كان للقلب من ذلك الحظ الأوفر والنصيب الأكمل كان الاشتغال بتطهيره من الرذائل والتوجهات المانعة من درك الفضايل أولي من تطهير تلك الأعضاء الظاهرة عند اللبيب العاقل وامر في التيمم بمسح تلك الأعضاء بالتراب عند تعذر غسلها بالماء الطهور وضعا لتلك الأعضاء الرئيسة وهضما لها بتلقيها باثر التربة الخسيسة وهكذا يخطر ان القلب إذا لم يكن تطهيره من الأخلاق الرذيلة وتحليته بالأوصاف الجميلة فليقمه في مقام الهضم والازداء ويسقه بسياط الذل والأعضاء عسى ان يطلع عليه مولاه الرحيم وسيده الكريم وهو منكسر متواضع فيهبه نفحة من نفحات نوره اللامع فإنه عند القلوب المنكسرة كما ورد في الأثر فترقى من هذه الإشارات ونحوها إلى ما يوجب لك الاقبال وتلافي سالف الاهمال ومن الاسرار الواردة في الأثر من نظائر ذلك قول الصادق عليه السلام
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست