لو كان الكلام ببلاغته يصدع الجبل لكان هذا القرآن يصدعه، وقيل إن المراد به ما يقتضيه الظاهر بدلالة قوله: " وإن منها لما يهبط من خشية الله " وهذا وصف للكافر بالقسوة حيث لم يلين قلبه بمواعظ القرآن الذي لو نزل على جبل لتخشع، و يدل على أن هذا تمثيل قوله: " وتلك الأمثال " الآية.
والرجعي بالضم مصدر بمعنى الرجوع أي إليك رجوع أي انتهاء الخلائق ورجوعهم في الدنيا والآخرة، و قد ورد في أخبار كثيرة في تأويل قوله سبحانه " وان إلى ربك المنتهى " أن المعنى إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا، وقد مر في كتاب التوحيد.
" أن نذل أو نخزى " يمكن تخصيص الأول بالدنيا والثاني بالعقبى، فان الخزي هو الذل والهوان " أمشي به في الناس " مقتبس من قوله تعالى: " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج " (1) مثل به من هداه الله وأنقذه من الضلال وجعل له نور الحجج والآيات يتأمل في الأشياء فيميز بين الحق والباطل والمحق والمبطل، والمشي بين الناس يمكن أن يكون بالهداية والارشاد أو يمشى به بينهم محترزا من ضلالتهم، أو المراد المشي العقلاني بقدم الفكر والنظر، وقد مر في الأخبار الكثيرة تأويل النور بالامام عليه السلام.
" فالق الاصباح " أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن بياض النهار أو شاق ظلمة الاصباح وهو الغبش الذي يليه، والاصباح في الأصل مصدر سمي به الصبح " وجاعل الليل سكنا " يسكن إليه من تعب بالنهار لاستراحة فيه، من سكن إليه إذا اطمأن إليه استناسا به، أو يسكن فيه الخلق من قوله: " لتسكنوا فيه ".
" والشمس والقمر " بالنصب عطفا على محل الليل أو بالجر عطفا على اللفظ كما قرئ بهما " حسبانا " أي على أدوار مختلفة تحسب بها الأوقات،