من يسترزقك، ومن يسأل من يسألك، ويمتاح من لا يميحه إلا بمشيتك، ولا يعطيه إلا ما وهبته له من نعمتك.
فاز والله عبد هداه الاستبصار، وصحت له الأفكار، وأرشده الاعتبار، و أحسن لنفسه الاختيار، فقام إليك بنية منه صادقة، ونفس مطمئنة بك واثقة.
فناجاك بحاجته متذللا "، وناداك متضرعا "، واعتمد عليك في إجابته متوكلا " وابتهل يدعوك، وقد رقد السائل والمسؤول، وأرخيت لليل سدول، وهدأت الأصوات وطرق عيون عبادك السبات، فلا يراه غيرك ولا يدعو إلا لك، ولا يسمع نجواه إلا أنت، ولا يلتمس طلبته إلا من عندك، ولا يطلب إلا ما عودته من رفدك.
بات بين يديك لمضجعه هاجرا "، وعن الغموض نافرا "، ومن الفراش بعيدا "، وعن الكرى يصد صدودا "، أخلص لك قلبه، وذهل من خشيتك لبه، يخشع لك ويخضع ويسجد لك ويركع، يأمل من لا تخيب فيه الآمال، ويرجو مولاه الذي هو لما يشاء فعال، موقن أنه ليس يقضي غيرك حاجته، ولا ينجح سواك طلبته فذاك والله الفائز بالنجاح، الآخذ بأزمة الفلاح، المكتسب أوفر الأرباح.
سبحانك يا ذا القوة القوية، والقدم الأزلية، دلت السماء على مدائحك، وأبانت عن عجائب صنعك، زينتها للناظرين بأحسن زينة، وحليتها بأحسن حلية، ومهدت الأرض ففرشتها، وأطلعت النبات رجراجا "، وأنزلت من المعصرات ماء ثجاجا " لتخرج به حبا " ونباتا "، وجنات ألفافا "، فأنت رب الليل والنهار، والفلك الدوار، والشموس والأقمار، والبراري والقفار، والجداول والبحار، والغيوم والأمطار والبادين والحضار، وكل ما يكمن ليلا " ويظهر بنهار وكل شئ عندك بمقدار.
سبحانك يا رب الفلك الدوار، ومخرج الثمار، ورب الملكوت، والعزة والجبروت، وخالق الخلق، وقاسم الرزق، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل، وسخر الشمس والقمر، كل يجرى لأجل مسمى، الا هو العزيز الغفار.