بأنها مخلوقة مربوبة مفتقرة في وجودها وبقائها، وساير صفاتها إلى صانع حكيم منزه عن صفات الحدوث والامكان، وسمات العجز والنقصان، كما قال سبحانه: (وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) (١).
فلما سمع العارف تسبيحهم بسمع اليقين والايمان، ينبغي أن يوافقهم ويرافقهم بالقلب واللسان، بل نقول بتعدي روحه ونفسه وجسده وأعضاؤه بشراشرها جميع ذلك بلسان الحال، فيجب أن يصدقها بالمقال في جميع الأحوال، لا سيما في هاتين الحالتين اللتين ظهور ذلك فيهما أكثر من سائر الأحوال.
وأيضا ينبغي للانسان أن يحاسب نفسه كل يوم وليلة، كما مر في الاخبار فعند المساء ينظر ويتفكر فيما عمل به في اليوم وساعاته وما قصر فيه من طاعاته، وما أتى به من سيئاته فيستغفر الله ويحمده استدراكا لما فات منه من الحسنات واستمحاء لما أثبت في دفاتر أعماله من السيئات، وفي الصبح يتفكر لما جرى في ليله من الغفلات وفات منه من الطاعات، فيتلافى ذلك بالذكر والدعاء والاستغفار، ويتوب إلى ربه العالم بالخفايا والاسرار.
والنكات في ذلك كثيرة ليس هذا مقام إيرادها، وبما نبهنا عليه لعل العارف الخبير يطلع عليها أو على بعضها، وسيأتي في الاخبار نبذ منها، والله الموفق للخير والصواب.
١ - جامع الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من حافظين يرفعان إلى الله تعالى ما حفظا فيرى الله تبارك وتعالى في أول الصحيفة خيرا وفي آخرها خيرا إلا قال لملائكته: اشهدوا أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة.
٢ - الكافي: بسنده عن غالب بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى ﴿وظلالهم بالغدو والآصال﴾ (2) قال: هو الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها