مولانا أمير المؤمنين عليا عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين أريد أن تعرفني نفسي. قال:
يا كميل! وأي الأنفس تريد أن أعرفك؟ قلت: يا مولاي هل هي إلا نفس واحدة؟
قال: يا كميل إنما هي أربعة: النامية النباتية، والحسية الحيوانية، والناطقة القدسية، والكلية الإلهية، ولكل واحدة من هذه خمس قوى وخاصيتان، فالنامية النباتية لها خمس قوى: ماسكة، وجاذبة، وهاضمة، ودافعة، ومربية، ولها خاصيتان:
الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الكبد. والحسية الحيوانية لها خمس قوى: سمع وبصر، وشم، وذوق، ولمس، ولها خاصيتان: الرضا والغضب، وانبعاثها من القلب.
والناطقة القدسية لها خمس قوى: فكر، وذكر، وعلم، وحلم، ونباهة، وليس لها انبعاث، وهي أشبه الأشياء بالنفوس الفلكية، ولها خاصيتان: النزاهة والحكمة.
والكلية الإلهية لها خمس قوى: بهاء في فناء، ونعيم في شقاء، وعز في ذل، وفقر في غناء، وصبر في بلاء، ولها خاصيتان: الرضا والتسليم، وهذه التي مبدؤها من الله وإليه تعود، قال الله تعالى: " ونفخت فيه من روحي (1) " وقال تعالى: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية (2) " والعقل في وسط الكل.
أقول: هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الأخبار المعتبرة المتداولة، وهي شبيهة بأضغاث أحلام الصوفية، وقال بعضهم في شرح هذا الخبر: النفسان الأوليان في كلامه عليه السلام مختصان بالجهة الحيوانية التي هي محل اللذة والا لم في الدنيا والآخرة والأخيرتان بالجهة الانسانية، وهما سعيدة في النشأتين وسيما الأخيرة، فإنها لاحظ لها من الشقاء، لأنها ليست من عالم الشقاء، بل هي منفوخة من روح الله فلا يتطرق إليها ألم هناك من وجه وليست هي موجودة في أكثر الناس، بل ربما لم يبلغ من ألوف كثيرة واحد إليها، وكذلك الأعضاء والجوارح بمعزل عن اللذة والألم، ألا ترى إلى المريض إذا نام وهو حي والحس عنده موجود والجرح الذي يتألم به في يقظته موجود في العضو ومع هذا لا يجد ألما؟ لان الواجد للا لم قد صرف وجهه عن عالم الشهادة