في جسمه هواء يخرج من حواسه، وشاهد الرابع قول الله تعالى: " إن النفس لامارة بالسوء (1) " يعني الهوى داع إلى القبيح، وقد يعبر عن النفس بالنقم قال الله تعالى:
" ويحذركم الله نفسه (2) " يريد نقمته وعقابه. فأما الروح فعبارة عن معان: أحدها الحياة، والثاني القرآن، والثالث ملك من ملائكة الله تعالى، والرابع جبرئيل عليه السلام فشاهد الأول قولهم: كل ذي روح فحكمه كذا، يريدون كل ذي حياة، وقولهم فيمن مات: قد خرجت منه الروح، يعنون الحياة، وقولهم في الجنين: صورة لم يلجه الروح، يريدون لم تلجه الحياة، وشاهد الثاني قوله تعالى: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا (3) " يعني القرآن، وشاهد الثالث قوله " يوم يقوم الروح والملائكة - الآية - (4) " وشاهد الرابع قوله تعالى " قل نزله روح القدس (5) " يعني جبرئيل عليه السلام. وأما ما ذكره أبو جعفر ورواه: أن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد بألفي عام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فهو حديث من (6) أحاديث الآحاد وخبر من طرق الافراد، وله وجه غير ما ظنه من لا علم له بحقائق الأشياء، وهو أن الله تعالى خلق الملائكة قبل البشر بألفي عام، فما تعارف منها قبل خلق البشر ائتلف عند خلق البشر، وما لم يتعارف منها إذ ذاك اختلف بعد خلق البشر، وليس الامر كما ظنه أصحاب التناسخ ودخلت الشبهة فيه على حشوية الشيعة، فتوهموا أن الذوات الفعالة المأمورة المنهية كانت مخلوقة في الذر وتتعارف وتعقل وتفهم وتنطق ثم خلق الله لها أجسادا من بعد ذلك فركبها فيها، ولو كان ذلك كذلك لكنا نعرف نحن ما كنا عليه، وإذا ذكرنا به ذكرناه، ولا يخفى علينا الحال فيه. ألا ترى أن من نشأ ببلد من البلاد فأقام فيه حولا ثم انتقل إلى غيره لم يذهب عنه علم ذلك وإن خفي