" الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف " وقال الصادق عليه السلام: إن الله تعالى آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة ولم يرث الأخ من الولادة. وقال الصادق عليه السلام: إن الأرواح لتلتقي في الهواء فتتعارف وتساءل، فإذا أقبل روح من الأرض قالت الأرواح: دعوه، فقد أفلت من هول عظيم، ثم سألوه ما فعل فلان؟ وما فعل فلان؟ فكلما قال: قد بقي، رجوه أن يلحق بهم، وكلما قال:
قد مات، قالوا: هوى، هوى.
ثم قال قدس سره: والاعتقاد في الروح أنه ليس من جنس البدن، فإنه خلق آخر لقوله تعالى: " ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (1) ". واعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة عليهم السلام أن فيهم خمسة أرواح: روح القدس، وروح الايمان وروح القوة، وروح الشهوة، وروح المدرج، وفي المؤمنين أربعة أرواح: روح الايمان وروح القوة، وروح الشهوة، وروح المدرج، وفي الكافرين والبهائم ثلاثة أرواح:
روح القوة، وروح الشهوة، وروح المدرج. وأما قوله تعالى " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي (2) " فإنه خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومع الأئمة عليهم السلام وهو من الملكوت.
وقال الشيخ المفيد - نور الله ضريحه - في شرحه على العقائد: كلام أبي جعفر في النفس والروح على مذهب الحدس دون التحقيق، ولو اقتصر على الاخبار ولم يتعاط ذكر معانيها كان أسلم له من الدخول في باب يضيق عنه سلوكه ثم قال - رحمه الله -:
النفس عبارة عن معان أحدها ذات الشئ، والآخر الدم السائل، والآخر النفس الذي هو الهواء، والرابع هو الهوى وميل الطبع، فأما شاهد المعنى الأول فهو قولهم:
هذا نفس الشئ، أي ذاته وعينه، وشاهد الثاني قولهم: كلما كانت النفس سائلة فحكمه كذا وكذا، وشاهد الثالث قولهم: فلان هلكت نفسه إذا انقطع نفسه ولم يبق