من الاحتجاج يمكن أن يجعل وجوها أربعة: بأن يقال: لو كانت النفس جسما لما كانت عاقلة للمجردات، أو للكليات، أو للبسائط، أو للمتمانعين.
والجواب: أن مبنى هذا الاحتجاج على مقدمات غير مسلمة عند الخصم. منها أن تعقل الشئ يكون بحلول صورة في العاقل لا بمجرد إضافة بين العاقل والمعقول.
ومنها: أن النفس لو لم تكن مجردة لكانت منقسمة ولم يجز أن يكون جوهرا وضعيا غير منقسم كالجزء الذي لا يتجزى. ومنها: أن الشئ إذا كان مجردا كانت صورته الادراكية مجردة يمتنع حلولها في المادي، ولم يجز أن تكون حالة في جسم عاقل لكنها إذا وجدت في الخارج كانت ذلك الشئ المجرد ومنها: أن صورة الشئ إذا اختصت بوضع ومقدار وكيفية بحلولها في جسم كذلك كان الشئ أيضا مختصا بذلك، ولم يجز أن يكون في ذاته غير مختص بشئ من الأوضاع والكيفيات و المقادير. ومنها: أن الشئ إذا لم يقبل الانقسام كانت صورته الحاصلة في العاقل كذلك ولم يجز أن تكون منقسمة بانقسام [المحل] العاقل مع كون الشئ غير منقسم لذاته ولا لحلوله في منقسم. ومنها. أن الشيئين إذا كانا بحيث يمتنع اجتماعهما في محل كالسواد والبياض كانت الصورتان الحاصلتان منهما في الجوهر العاقل كذلك، وقد سبق أن صورة الشئ قد تخالفه في كثير من الاحكام. ومنها: أن اجتماعهما في العاقل لا يجوز أن يكون بقيام كل منهما بجزء منه. ومنها: أن انقسام المحل يستلزم انقسام الحال فيه لذاته ليمتنع حلول البسيط في العاقل الجسماني المنقسم البتة بناء على نفي الجزء الذي لا يتجزى. ولا يخفى أن بعض هذه المقدمات مما قامت عليه الحجة.
أقول: ثم ذكر حججا أخرى لهم أعرضنا عنها وعن أجوبتها حذرا من الاطناب (1).
وقال شارح المواقف: مذاهب المنكرين لتجرد النفس الناطقة كثيرة، لكن المشهور منها تسعة: