أن يفعل بشئ من الجسد شيئا بغير إذن القلب ودلالته وتدبيره، لان الله تبارك وتعالى جعل القلب مدبرا للجسد، به يسمع، وبه يبصر، وهو القاضي والأمير عليه، لا يتقدم الجسد إن هو تأخر، ولا يتأخر إن هو تقدم، وبه سمعت الحواس وأبصرت، إن أمرها ائتمرت، وإن نهاها انتهت، وبه ينزل الفرح والحزن، وبه ينزل الألم، إن فسد شئ من الحواس بقي على حاله، وإن فسد القلب ذهب جميعها حتى لا يسمع ولا يبصر.
قال: لقد كنت أظنك لا تتخلص من هذه المسألة وقد جئت بشئ لا أقدر على رده! قلت: وأنا أعطيك تصاديق ما أنبأتك به وما رأيت في منامك في مجلسك الساعة قال: افعل، فإني قد تحيرت في هذه المسألة. قلت: أخبرني هل تحدث نفسك من تجارة أو صناعة أو بناء أو تقدير شئ تأمر به إذا أحكمت تقديره في ظنك؟ قال:
نعم. قلت: فهل أشركت قلبك في ذلك الفكر شيئا من حواسك؟ قال: لا. قلت: أفلا تعلم أن الذي أخبرك به قلبك حق؟ قال: اليقين هو، فزدني ما يذهب الشك عني ويزيل الشبهة من قلبي.
أقول: قد عرفت أن القلب يطلق في لسان الشرع في الآيات والاخبار على النفس الناطقة، ولما كان السائل منكرا لادراك ما سوى الحواس الظاهرة نبهه عليه السلام على خطائه بمدركات الحواس الباطنة التي هي من آلات النفس. وقد مر شرح الفقرات وتمام الحديث في كتاب التوحيد.
46 - الدر المنثور: عن ابن عباس في قوله: " الله يتوفى الأنفس - الآية - " قال: نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فيتوفى الله النفس في منامه ويدع الروح في جوفه يتقلب ويعيش، فإن بدا لله أن يقبضه قبض الروح فمات، وإن أخر أجله رد النفس إلى مكانها من جوفه (1).
47 - وعن ابن عباس في قوله: " الله يتوفى الأنفس - الآية - " قال: كل نفس لها سبب تجري فيه، فإذا قضى عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب والتي لم تمت تترك. (2)