إذا كانت له مائتان، ويقال للمائة منها " هنيدة " معرفة لا تنصرف. وقال أبو سليمان الخطابي: يقال للمأتين " هنيد " بغير هاء والعهدة عليه وقال ابن قتيبة: الراحلة هي التي تختارها الرجل لمركبة ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت، يقول: الناس متساوون ليس لأحد منهم فضل في النسب ولكنهم أشباه كإبل مائة ليس فيها راحلة، وقد خطأه أبو منصور الأزهري لفظا ومعنى أما اللفظة فمن حيث جعل الناقة هي الراحلة، قال: وليس الجمل عنده راحلة، و الراحلة عند العرب تكون الجمل النجيب والناقة النجيبة، وأما المعنى أنه يعز فيهم الكامل الفاضل زاهدا في الدنيا ورغبة في الآخرة. هذا معنى كلام الأزهري. وفائدة الحديث ذم الناس وأن الكامل فيهم قلما يوجد. وراوي الحديث عبد الله بن عمر.
بيان: قال في النهاية: يعني أن المرضي المنتجب من الناس في عزة وجوده كالنجيب من الإبل القوي على الأحمال والاسفار الذي لا يوجد في كثير من الإبل.
قال الأزهري: الذي عندي فيه أن الله تعالى ذم الدنيا وحذر العباد سوء مغبتها (1).
وضرب لهم فيها الأمثال ليعتبروا ويحذروا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذرهم ما حذرهم الله ويزهدهم فيها، فرغب أصحابه بعده فيها وتنافسوا عليها، حتى كان الزهد في النادر القليل منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: تجدون الناس من بعدي كإبل مائة ليس فيها راحلة، أي أن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليل كقلة الراحلة في الإبل، والراحلة:
هي البعير القوي على الاسفار والاحمال النجيب التام الخلق الحسن المنظر، ويقع على الذكر والأنثى، والهاء فيه للمبالغة (انتهى). وقال الكرماني: وقيل: أي الناس في أحكام الدين سواء، لا فضل فيها لشريف على مشروف، ولا لرفيع على وضيع، كإبل لا راحلة فيها، وهي التي ترحل لتركب، أي كلها تصلح للحمل لا للركوب.
أقول: قد مر بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب في أبواب المعاد وأبواب خلق أرواح النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، وسيأتي بعضها في الأبواب الآتية إن شاء الله [تعالى].