من الشمال وكأن المراد بالوقصة العنق. قال الفيروزآبادي: وقص عنقه - كوعد -: كسرها والوقص - بالتحريك -: قصر العنق - انتهى -. فعدها ثمانية باعتبار ضم بعض فقرات الظهر إليها لقربها منها وانحنائها ويحتمل أن يكون في الأصل " وفي وقيصته " وهي عظام وسط الظهر، وهي على المشهور سبعة فتكون الثمانية بضم الترقوة إليها. وفي بعض النسخ في أول الخبر " وستة وأربعين عظما " وهو تصحيف، لأنه لا يستقيم الحساب والأسنان غير داخلة في عدد العظام، فيدل على أنها ليست بعظم، وقد اختلف الأطباء في ذلك اختلافا عظيما: فمنهم من ذهب إلى أنها عظم، وقيل: هو عصب، وقيل: عضو مركب.
وظاهر الاخبار أنها نوع آخر غير العظم والعصب، لأنهم عليهم السلام عدوها في مالا تحله الحياة من الحيوان مقابلا للقرن والعظم والظلف والحافر وغيرها وهو لا ينافي المذهب الأخير كثيرا وظاهر الاخبار أنه لا حس لها ولم تحلها الحياة كما ذهب إليه بعض الأطباء وقال بعضهم: لها حس. قال في القانون: ليس لشئ من العظام حس البتة إلا للأسنان فإن جالينوس قال: بل التجربة تشهد أن لها حسا أعينت به بقوة تأتيها من الدماغ ليميز أيضا بين الحار والبارد. وقال القرشي: قال جالينوس: ليس بشئ (1) من العظام حس إلا للأسنان، لان قوة الحس تأتيها في عصب لين. وهذا عجب، فإنه كيف جعل لينا وهو مخالط للعظام، وينبغي أن يكون شبيها بجرمها فيكون صلبا لئلا تتضرر بمماستها. وقال: بقي ههنا بحث، وهو أن الأسنان عظام أوليس بعظام؟
وقد شنع جالينوس على من لا يجعلها عظاما وجعلهم سوفسطائية، واستدل على أنها عظام بما هو عين السفسطة، وذلك لأنه قال ما هذا معناه: لأنها لو لم تكن عظاما لكانت إما أن تكون عروقا أو شرايين أو لحما أو عصبا، ومعلوم أنها ليست كذلك. وهذا غير لازم، فإن القائلين بأنها ليست بعظام يجعلونها من الأعضاء المؤلفة لامن هذه المفردة، ويستدلون على تركيبها بما يشاهد فيها من الشظايا، وتلك رباطية و عصبية. قالوا: وهذا يوجد في أسنان الحيوانات الكبار ظاهرا.