جزء من النبوة. وقد روت العامة بأسانيد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة. قال البغوي في شرح السنة: أراد تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده، وإنما كانت جزء من النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم. قال عبيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي وقرأ: " إني أري في المنام - الآية - " وقيل: إنها جزء من أجزاء علم النبوة، وعلم النبوة باق، والنبوة غير باقية، أو أراد به أنها كالنبوة في الحكم بالصحة، كما قال صلى الله عليه وآله: الهدى الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزء من النبوة. أي هذه الخصال في الحسن والاستحباب كجزء من أجزاء النبوة، وهذه الخلال جزء من شمائل الأنبياء وجزء من أجزاء فضائلهم فاقتدوا فيها بهم، لا أنها حقيقة نبوة، لان النبوة لا تتجزى ولا نبوة بعد محمد صلى الله عليه وآله وهو معنى قوله عليه السلام: ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو يرى له. وقيل: معنى قوله " جزء من ستة وأربعين " أن مدة الوحي على رسول الله من حين بدأ إلى أن فارق الدنيا كان ثلاثا وعشرين سنة، وكان ستة أشهر منها في أول الأمر يوحى إليه في النوم - وهو نصف سنة - فكانت مدة وحيه في النوم جزء من ستة و أربعين جزء من أيام الوحي (انتهى).
وقال الجزري في النهاية: الجزء القطعة والنصيب من الشئ، ومنه الحديث " الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة " وإنما خص هذا العدد لان عمر النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثا وستين سنة، وكانت مدة نبوته منها ثلاثا وعشرين سنة، لأنه بعث عند استيفاء الأربعين وكان في أول العمر يرى الوحي في المنام ودام كذلك نصف سنة، ثم رأى الملك في اليقظة، فإذا نسب مدة الوحي في النوم وهي نصف سنة - إلى مدة نبوته - وهي ثلاث وعشرون سنة - كانت نصف جزء من ثلاثة وعشرين جزء، وذلك جزء واحد من ستة وأربعين جزء، وقد تعاضدت الروايات في أحاديث الرؤيا بهذا العدد، وجاء في بعضها " من خمسة وأربعين جزء " ووجه ذلك أن عمره لم يكن قد استكمل ثلاثا وستين، ومات في أثناء السنة الثالثة والستين، ونسبة نصف السنة إلى اثنتين وعشرين سنة وبعض الأخرى نسبة جزء من خمسة وأربعين. وفي