بعض الروايات: " جزء من أربعين " ويكون محمولا على من روى أن عمره كان ستين سنة، فيكون نسبة نصف إلى عشرين سنة كنسبة جزء إلى أربعين (انتهى).
وقال الخطابي في أعلام الحديث: هذا وإن كان وجها قد يحتمله الحساب والعدد فإن أول ما يجب من الشرط فيه أن يثبت ما قاله من ذلك بخبر أو رواية، ولم نسمع فيه خبرا ولا ذكر قائل هذه المقالة فيما بلغني عنه في ذلك أثرا، فهو كأنه ظن وحسبان والظن لا يغني من الحق شيئا، ولئن كانت هذه المدة محسوبة من أجزاء النبوة على ما ذهب إليه من هذه القسمة، لقد كان يجب أن يلحق بها سائر الأوقات التي كان يوحى إليه في منامه في تضاعيف أيام حياته، وأن تلتقط وتلفق وتزداد في أصل الحساب، وإذا صرنا إلى أصل هذه القضية بطلت هذه القسمة وسقط هذا الحساب من أصله، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث من روايات كثيرة أنه كان يرى الرؤيا المختلفة في أمور الشريعة ومهمات أسباب الدين فيقصها على أصحابه، فكان يقول لهم إذا أصبح:
من رأى منكم رؤيا؟ فيقصونها عليه، وقال لهم يوم أحد: رأيت في سيفي ثلمة ورأيت كأني مردف كبشا، فتأولت ثلمة السيف أنه يصاب في أصحابه، وأنه يقتل كبش القوم.
- ثم ذكر رؤيا كثيرة فقال: وهذه كلها بعد الهجرة، وأعلى هذه كلها ما نطق به الكتاب من رؤيا الفتح في قوله عز وجل: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق - الآية (1) - " وقوله " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس - الآية (2) - " فدل ما ذكرناه من هذا وما تركناه من هذا الباب على ضعف هذا التأويل. ونقول: إن هذا الحديث صحيح وجملة ما فيه حق، وليس كل ما يخفى علينا علته لا تلزمنا حجته، وقد نرى أعداد ركعات الصلوات وأيام الصيام ورمي الجمار محصورة في حساب معلوم، وليس يمكننا أن نصل من علمها إلى أمر يوجب حصرها تحت هذه الاعداد دون ما هو أكثر منها أو أقل فلم يكن ذهابنا عن معرفة ذلك قادحا في موجب الاعتقاد منا في اللازم من أمرها، ومعنى الحديث تحقيق أمر الرؤيا وأنها مما كان الأنبياء يثبتونه ويحققونه، وأنها كانت جزء