بالتعجب. وثانيها: أنه إذا أحس بحصول الملائم حصلت حالة مخصوصة وتتبعها أحوال جسمانية، وهي تمدد في عضلات الوجه مع أصوات مخصوصة وهي الضحك، فإن أحس بحصول المنافي والمؤذي حزن فانعصر دم قلبه في الداخل فينعصر أيضا دماغه، وتنفصل عنه قطرة من الماء وتخرج من العين وهي البكاء. وثالثها: أن الانسان إذا اعتقد في غيره أنه اعتقد فيه أنه أقدم على شئ من القبائح حصلت حالة مخصوصة تسمى بالخجالة.
ورابعها: أنه إذا اعتقد في فعل مخصوص أنه قبيح فامتنع عنه لقبحه حصلت حالة مخصوصة هي الحياء. وبالجملة فاستقصاء القول في تعديد الأحوال النفسانية مذكور في باب الكيفيات النفسانية.
والنوع الرابع من خواص الانسان الحكم بحسن بعض الأشياء وقبح بعضها إما لان صريح العقل يوجب ذلك عند من يقول به، وإما لأجل أن المصلحة الحاصلة بسبب المشاركة الانسانية اقتضت تقريرها، لتبقى مصالح العالم مرعية. وأما سائر الحيوانات فإنها إن تركت بعض الأشياء مثل الأسد فإنه لا يفترس صاحبه فليس ذلك مشابها للحالة الحاصلة للانسان، بل هيئة أخرى، لان كل حيوان فهو يحب بالطبع كل من ينفعه، فلهذا السبب الشخص الذي أطعمه محبوب عنده، فيصير ذلك مانعا له عن افتراسه.
النوع الخامس من خواص الانسان تذكر الأمور الماضية، وقيل: إن هذه الحالة لا تحصل لسائر الحيوانات، والجزم في هذا الباب بالنفي والاثبات مشكل.
والنوع السادس: الفكر والروية، وهذا الفكر على قسمين: أحدهما أن يتفكر لأجل أن يعرف حاله. وهذا النوع من الفكر ممكن في الماضي والمستقبل والحاضر.
والنوع الثاني: التفكر في كيفية إيجاده وتكوينه. وهذا النوع من الفكر لا يمكن في الواجب والممتنع، وإنما يمكن في الممكن، ثم لا يمكن في الممكن الماضي والحاضر، وإنما يمكن في الممكن المستقبل، وإذا حكمت هذه القوة تبع حكمها حصول الإرادة الجازمة، ويتبعها تأثير القوة والقدرة في تحريك البدن. وهل لشئ من الحيوانات شئ من الكيفيات؟ المشهور إنكاره، وفيه موضع بحث، فإنها راغبة في