على وجه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية وأبو علي بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي إذا اتكأ القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول: يا محمد يا علي يا حسن يا حسين يا موالي كونوا شفعائي إلى الله عز وجل وقالها الثانية وقالها الثالثة. فلما بلغ في الثالثة: يا موسى يا علي، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانتفخت حدقته، وجعل يمسح بكمه عينيه وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم ثم مد طرفه إلى ابنه فقال: يا حسن إلي يا با حامد إلى يا با علي فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين فقال له أبو حامد:
تراني. وجعل يده على كل واحد منا وشاع الخبر في الناس والعامة وأتاه الناس من العوام ينظرون إليه.
وركب القاضي إليه وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه فقال له: يا با محمد ما هذا الذي بيدي وأراه خاتما فصه فيروزج فقر به منه فقال: عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم رحمه الله فلم يمكنه قراءته و خرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره والتفت القاسم إلى ابنه الحسن فقال له:
إن الله منزلك منزلة ومرتبتك مرتبة فاقبلها بشكر فقال له الحسن: يا أبه قد قبلتها قال القاسم: على ماذا؟ قال: على ما تأمرني به يا أبه قال على أن ترجع عما أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن: يا أبه وحق من أنت في ذكره لأرجعن عن شرب الخمر ومع الخمر أشياء لا تعرفها فرفع القاسم يده إلى السماء وقال:
اللهم ألهم الحسن طاعتك، وجنبه معصيتك ثلاث مرات ثم دعا بدرج فكتب وصيته بيده رحمه الله وكانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه.
وكان فيما أوصى الحسن أن قال: يا بني إن أهلت لهذا الامر يعني الوكالة لمولانا فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة، وسائرها ملك مولاي و إن لم تؤهل له فاطلب خيرك من حيث يتقبل الله، وقبل الحسن وصيته على ذلك فلما كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم رحمه الله فوافاه عبد الرحمان يعدو في الأسواق حافيا حاسرا وهو يصيح وا سيداه فاستعظم الناس ذلك منه، و