الحاجة فيه قائمة، واحتاج إلى إمام أخر، والكلام في إمامته كالكلام فيه فيؤدي إلى إيجاب أئمة لا نهاية لهم أو الانتهاء إلى معصوم وهو المراد.
وهذه الطريقة قد أحكمناها في كتبنا فلا نطول بالأسئلة عليها لان الغرض بهذا الكتاب غير ذلك وفي هذا القدر كفاية.
وأما الأصل الثالث وهو أن الحق لا يخرج عن الأمة فهو متفق عليه بيننا وبين خصومنا وإن اختلفنا في علة ذلك لان عندنا أن الزمان لا يخلو من إمام معصوم لا يجوز عليه الغلط على ما قلناه، فإذا الحق لا يخرج عن الأمة لكون المعصوم فيهم وعند المخالف لقيام أدلة يذكرونها دلت على أن الاجماع حجة فلا وجه للتشاغل بذلك.
فإذا ثبتت هذه الأصول ثبت إمامة صاحب الزمان عليه السلام لان كل من يقطع على ثبوت العصمة للامام قطع على أنه الامام، وليس فيهم من يقطع على عصمة الامام ويخالف في إمامته إلا قوم دل الدليل على بطلان قولهم كالكيسانية والناووسية والواقفة فإذا أفسدنا أقوال هؤلاء ثبت إمامته عليه السلام.
أقول: وأما الذي يدل على فساد قول الكيسانية القائلين بإمامة محمد بن الحنفية فأشياء:
منها: أنه لو كان إماما مقطوعا على عصمته لوجب أن يكون منصوصا عليه نصا صريحا، لان العصمة لا تعلم إلا بالنص، وهم لا يدعون نصا صريحا وإنما يتعلقون بأمور ضعيفة دخلت عليهم فيها شبهة لا يدل على النص نحو إعطاء أمير المؤمنين إياه الراية يوم البصرة، وقوله له: " أنت ابني حقا " مع كون الحسن والحسين عليهما السلام ابنيه وليس في ذلك دلالة على إمامته على وجه، وإنما يدل على فضله ومنزلته، على أن الشيعة تروي أنه جرى بينه وبين علي بن الحسين عليه السلام كلام في استحقاق الإمامة فتحاكما إلى الحجر فشهد الحجر لعلي بن الحسين عليه السلام بالإمامة فكان ذلك معجزا له فسلم له الامر وقال بإمامته، والخبر بذلك مشهور عند الإمامية.