ما ناقة صالح عند الله بأكرم مني أو قال بأعظم قدرا مني، ولم أزل أسائله وأستفيد منه وأحادثه إلى أن نزل المتوكل من الركوب، وأمر الناس بالانصراف.
فقدمت إليهم دوابهم فركبوا إلى منازلهم وقدمت بغلة له فركبها وركبت معه إلى داره فنزل وودعته وانصرفت إلى داري ولولدي مؤدب يتشيع من أهل العلم والفضل، وكانت لي عادة باحضاره عند الطعام فحضر عند ذلك، وتجارينا الحديث وما جرى من ركوب المتوكل والفتح، ومشي الاشراف وذوي الاقدار بين أيديهما وذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام وما سمعته من قوله: " ما ناقة صالح عند الله بأعظم قدرا مني ".
وكان المؤدب يأكل معي فرفع يده، وقال: بالله إنك سمعت هذا اللفظ منه؟ فقلت له: والله إني سمعته يقوله فقال لي: اعلم أن المتوكل لا يبقى في مملكته أكثر من ثلاثة أيام ويهلك فانظر في أمرك واحرز ما تريد إحرازه وتأهب لأمرك كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث، أو سبب يجري فقلت له: من أين لك ذلك؟ فقال لي: أما قرأت القرآن في قصة الناقة وقوله تعالى " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " (1) ولا يجوز أن تبطل قول الإمام.
قال زرافة: فوالله ما جاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر ومعه بغاء ووصيف والأتراك على المتوكل، فقتلوه وقطعوه، والفتح بن خاقان جميعا قطعا حتى لم يعرف أحدهما من الآخر، وأزال الله نعمته ومملكته فلقيت الامام أبا الحسن عليه السلام بعد ذلك وعرفته ما جرى مع المؤدب، وما قاله، فقال: صدق إنه لما بلغ مني الجهد رجعت إلى كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون والسلاح والجنن وهو دعاء المظلوم على الظالم، فدعوت به عليه فأهلكه الله فقلت: يا سيدي إن