نجدة أكرمني الله بها، ولقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن رأسه لعلى صدري، وقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله (صلى الله عليه وآله) والملائكة أعواني، فضجت الدار و الأفنية، ملا يهبط وملاء يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه، فمن ذا أحق به مني حيا وميتا؟ فانفذوا على بصائركم، ولتصدق نياتكم في جهاد عدوكم، فوالذي لا إله إلا هو إني لعلى جادة الحق وإنهم لعلى مزلة الباطل، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم (1).
توضيح: المستحفظون: الضابطون لأحوال النبي (صلى الله عليه وآله) المطلعون على سيرته، أو علماء الصحابة، لأنهم استحفظوا الكتاب والسنة. والنجدة: الشجاعة. والهينمة:
الكلام الخفي لا يفهم.
33 - نهج البلاغة: أنا وضعت بكلاكل العرب (2)، وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر، وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة: وضعني في حجره وأنا وليد (3) يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه (4)، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكأن يمضع الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن كان فطيما (5) أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم علما من أخلاقه (6)، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نوري الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان