الجب الآخر، ثم جعل يناديهم مرة بعد مرة: ما تقولون؟ فيجيبون: فاقض (1) ما أنت قاض، حتى ماتوا.
قال: ثم انصرف فسار بفعله الركبان (2) وتحدث به الناس، فبينما هو ذات يوم في المسجد إذ قدم عليه يهودي من أهل يثرب، قد أقر له من في يثرب من اليهود أنه أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل، قال: وقدم على أمير المؤمنين (عليه السلام) في عدة من أهل بيته، فلما انتهوا إلى المسجد الأعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم، ثم وقفوا على باب المسجد وأرسلوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام): إنا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ولنا إليك حاجة فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟ قال: فخرج إليهم وهو يقول: سيدخلون ويستأنفون (3) باليمين، فما حاجتكم؟ (4) فقال له عظيمهم: يا ابن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد؟ فقال له: وأية بدعة؟ فقال له اليهودي: زعم قوم من أهل الحجاز أنك عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن محمدا رسوله فقتلتهم بالدخان، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): فنشدتك بالتسع الآيات التي أنزلت على موسى (عليه السلام) بطور سيناء وبحق الكنائس الخمس القدس وبحق السمت (5) الديان هل تعلم أن يوشع بن نون أتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهودي: نعم أشهد أنك ناموس موسى (6)، قال، ثم أخرج من قبائه كتابا فدفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ففضه ونظر فيه وبكى، فقال له اليهودي:
ما يبكيك يا ابن أبي طالب؟ إنما نظرت في هذا الكتاب وهو كتاب سرياني وأنت رجل عربي فهل تدري ما هو؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): نعم هذا اسمي مثبت، فقال له اليهودي