فلما بعث هذا النبي (صلى الله عليه وآله) أتاه أبي وآمن به صدقه وكان شيخا كبيرا، فلما أدركته الوفاة قال لي: إن خليفة محمد في هذا الكتاب بعينه (1) سيمر بك إذا مضى ثلاثة أئمة من أئمة الضلال والدعاة إلى النار. وهم عندي مسمون بأسمائهم وقبائلهم، وهم فلان وفلان وفلان، وكم يملك كل واحد منهم، فإذا جاء بعدهم الذي له الحق عليهم فاخرج إليه وبايعه وقاتل معه، فإن الجهاد معه مثل الجهاد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الموالي له كالموالي لله والمعادي له كالمعادي لله، يا أمير المؤمنين مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأنك خليفته في أمته وشاهده على خلقه وحجته على عباده وخليفته في الأرض، وأن الاسلام دين الله وأني أبرأ إلى الله من كل من خالف دين الاسلام، وأنه دين الله الذي اصطفاه وارتضاه لأوليائه، وأن دين الاسلام دين عيسى بن مريم ومن كان قبله من الأنبياء والرسل الذين دان لهم من مضى من آبائه، وإني أتوالى وليك وأبرء من عدوك وأتوالى الأئمة الأحد عشر من ولدك وأبرء من عدوهم وممن خالفهم وممن ظلمهم وجحد حقهم من الأولين والآخرين.
وعند ذلك (2) ناوله يده وبايعه، فقال: ناولني كتابك، فناوله إياه، فقال لرجل من أصحابه: مع هذا الرجل (3) فانظر له ترجمان يفهم كلامه فينسخه بالعربية مفسرا فأتني به مكتوبا بالعربية، فلما أن أتوا به قال (عليه السلام) لولده الحسين: إيتني بذلك الكتاب الذي دفعته إليك، فأتى به، قال: أقرأه وانظر أنت يا فلان في هذا الكتاب فإنه خطي بيدي، أملاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي، فقرأه فما خالف حرف حرفا، ما فيه تأخير ولا تقديم كأنه أملاه رجل واحد على رجل واحد، فعند ذلك حمد الله علي (عليه السلام) وأثنى عليه وقال:
الحمد لله الذي جعل ذكري عنده وعند أوليائه وعند رسوله ولم يجعلني من أولياء الشيطان وحزبه، قال: ففرح عند ذلك من حضر من شيعته من المؤمنين وساء من كان من المنافقين حتى ظهر في وجوههم وألوانهم (4).