أمته من بعده، وكذلك رخص في ذلك للمهدي (عليه السلام) لما اشتهر قوله صلى الله (عليه وآله): (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي).
ثم إنه كان ذخيرة النبي (صلى الله عليه وآله) للمهمات، قال أنس: بعث النبي (صلى الله عليه وآله) عليا إلى قوم عصوه، فقتل المقاتلة وسبى الذرية وانصرف بها، فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) قدومه، فتلقاه خارجا من المدينة، فلما لقيه اعتنقه وقبل بين عينيه وقال: بأبي وأمي من شد الله به عضدي كما شد عضد موسى بهارون.
وفي حديث جابر أنه قال لوفد هو اذن: أما والذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة وليؤتن الزكاة أو لأبعثن إليهم رجلا هو مني كنفسي، فليضربن أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم، هو هذا - وأخذ بيد علي (عليه السلام) فلما أقروا بما شرط عليهم قال: ما استعصى علي أهل مملكة ولا أمة إلا رميتهم بسهم الله علي بن أبي طالب، ما بعثته في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملكا أمامه وسحابة تظله حتى يعطي الله حبيبي النصر والظفر. وروى الخطيب في الأربعين نحوا من ذلك عن مصعب بن عبد الرحمان أنه قال النبي (صلى الله عليه وآله) لوفد ثقيف، الخبر. وفي رواية أنه قال مثل ذلك لبني وليعة.
ثم إنه (عليه السلام) كان عيبة سره، روى الموفق المكي في كتابه في خبر طويل عن أم سلمة رضي الله عنها أنه دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مخلل (1) أصابعه في أصابع علي (عليه السلام) فقال: يا أم سلمة أخرجي من البيت وأخليه، فخرجت، وأقبلا يتناجيان بكلام لا أدري ما هو، فأقبلت ثلاث مرات فأستأذن أن ألج؟ (2) والنبي يأبى. وأذن في الرابعة وعلي واضع يديه على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أدنى فاه من اذن النبي (صلى الله عليه وآله) وفم النبي على اذن علي يتساران، وعلي يقول: أفأمضي وأفعل؟ والنبي (صلى الله عليه وآله) يقول:
نعم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أم سلمة لا تلوميني فإن جبرئيل أتاني من الله يأمر أن أوصي به عليا من بعدي، وكنت بين جبرئيل وعلي وجبرئيل عن يميني، فأمرني جبرئيل (عليه السلام)