شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين (1)) أنه كان طفلا صغيرا في المهد أنطقه الله عز وجل حتى برأ يوسف من الفحشاء وأزال عنه التهمة.
والناصبة إذا سمعت هذا الاحتجاج قالت: إن هذا الذي ذكرتموه (2) فيمن عددتموه كان معجزا لخرقه العادة ودلالة لنبي من أنبياء الله عز وجل، فلو كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مشاركا لمن وصفتموه في خرق العادة لكان معجزا له (عليه السلام) وللنبي (صلى الله عليه وآله)، وليس يجوز أن يكون المعجز له، ولو كان للنبي لجعله في معجزاته واحتج به في جملة بيناته، ولجعله المسلمون في آياته، فلما لم يجعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنفسه علما ولا عده المسلمون في معجزاته، علمنا أنه لم يجر فيه الامر على ما ذكرتموه، فيقال لهم: ليس كل ما خرق الله به العادة وجب أن يكون علما، ولا لزم أن يكون معجزا، ولا شاع علمه في العالم، ولا عرف من جهة الاضطرار، وإنما المعجز العلم هو خرق العادة عند دعوة داع أو براءة معروف (3) يجري براءته مجرى التصديق له في مقاله، بل هي تصديق في المعنى وإن لم يكن تصديقا بنفس اللفظ والقول، وكلام عيسى (عليه السلام) إنما كان معجزا لتصديقه له في قوله: (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) مع كونه خرقا للعادة وشاهدا لبراءة أمه من الفاحشة، ولصدقها فيما ادعته من الطهارة، وكانت حكمة يحيى (عليه السلام) في حال صغره تصديقا له في دعوته في الحال ولدعوة أبيه زكريا، فصارت مع كونها خرق العادة (4) دليلا ومعجزا، وكلام الطفل في براءة يوسف إنما كان معجزا لخرق العادة بشهادته ليوسف (عليه السلام) للصدق في براءة ساحته، ويوسف (عليه السلام) نبي مرسل، فثبت أن الامر على ما ذكرناه، ولم يك كمال عقل أمير المؤمنين (عليه السلام) شاهدا في شئ مما ادعاه (5) ولا استشهد