عليه ذلك، مع أن حسان أيضا قد حرض على أمير المؤمنين ظاهرا ودعا إلى مطالبته بثارات عثمان جهرا فلم ينكر عليه في الحال (1)، فيجب أن يكون مصيبا في ذلك، فإن قالوا: هذا شئ قاله في مكان دون مكان فلما ظهر عنه أنكره جماعة من الصحابة، قيل لهم:
فإن قنعتم بذلك واقترحتم في الدعوى فاقنعوا منا بمثله فيما اعتقدتموه من شعره في أبي بكر، وهذا ما لا فضل فيه (2)، على أن حسان بن ثابت قد شهد في شعره بإمامة أمير المؤمنين نصا، وذكر ذلك بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله) فجزاه خيرا في قوله:
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأسمع بالرسول مناديا في أبيات سأذكرها في موضعها إن شاء الله، وشهد أيضا لأمير المؤمنين (عليه السلام) بسبق قريش إلى الايمان حيث يقول:
جزى الله خيرا والجزاء بكفه * أبا حسن عنا ومن كأبي حسن؟
سبقت قريشا بالذي أنت أهله * فصدرك مشروح وقلبك ممتحن فشهد بتقديم إيمان أمير المؤمنين (عليه السلام) الجماعة، وهذا مقابل لما تقدم ومسقط له، فإن زعموا أن هذا محتمل قيل لهم: أما في تفضيله إياه على الكل فليس بمحتمل، وأما في تقدم الاسلام فإن الظاهر منه يوجبه، وإن احتمل (3) فكذلك ما ذكرتموه عنه أيضا محتمل.
وأما روايتهم عن مجاهد فإنها مقصورة على مذهبه ورأيه ومقاله، وبإزاء مجاهد عالم من التابعين ينكرون عليه (4) ويذهبون إلى خلافه في ذلك، وأن أمير المؤمنين أول الناس إيمانا، وهذا القدر كاف في إبطال قول مجاهد، على أن الثابت عن مجاهد خلاف ما دعاه هؤلاء القوم وأضافوه إليه، وضده ونقيضه، روى ذلك منهم من لا يتهم عليه: سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وأثره عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):